* ثم قال بعدَ ذلك:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة: ٢٠].
فعُلم أن هذا داخلٌ في المحادَّة.
* وفي روايةٍ أُخْرَى صحيحةٍ أنه نَزل قولُه:{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ}[التوبة: ٩٦].
* وقد قال:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}[التوبة: ٦٢].
* ثم قال عَقِبه:({أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[التوبة: ٦٣].
فثبت أنَّ هؤلاءِ الشاتمين محادُّونَ.
* وإذا كان الأذى مُحَادَّةً للهِ ورسولِهِ فقد قال اللهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)} [المجادلة: ٢٠ - ٢١].
والأذلُّ: أبلغُ مِن "الذليل"، ولا يكون أذلَّ حتى يخافَ على نفسه وماله إنْ أظهَرَ المحادَّة؛ لأنه إنْ كان دَمُه ومالُه معصومًا لا يُسْتَبَاح فليس بأذلَّ، يدلُّ عليه قوله تعالى:{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}[آل عمران: ١١٢].
فبيَّن سبحانه أنهم أينما ثُقفوا فعليهم الذَّلَةُ إلاَّ مع العهد، فعُلم أنَّ مَنْ له عهدٌ وحبلٌ لا ذلَّةَ عليه -وإن كانت عليه المسكنةُ-، فإنَّ المسكنةَ قد تكونُ مع عدم الذِّلة، وقد جَعل المحادِّين في الأَذلِّينَ، فلا يكون لهم عهدٌ، إذ
= "صحيح على شرط مسلم"، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية كما تقدم في المتن، وقال عنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" -سورة المجادلة- (٧/ ١٢٥): "رواه أحمد والبزار ورجال الجميع رجال الصحيح".