أم يَنقِمون منه أنه رسولُ الله، والله -تعالى- هو الذي اصطفاه على الناس برسالته ووحيه؟.
ودلائلُ نبوتِه - صلى الله عليه وسلم - أكثرُ من أن تُحصَر: شقَّ الله له القمر ليُريَ الكفارَ آيةً، ونَبَع الماءُ من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - مراتٍ، وتكلَّمت الشاةُ المسمومةُ فأخبرته أن بذِراعها سُمًّا، وأعطاه خَمْسًا لم يُعطِهن أحدًا من الأنبياء قبلَه، منها نَصرُه بالرعب مسيرةَ شهر، وبَعثُه للناس كافَّةً:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[سبأ: ٢٨].
أم لم يَسمعوا عن آياته الكبرى، هذا القرآنُ الكريم، كلام ربِّ العالمين، الذي حَفِظه اللهُ -تعالى- فلم تمتدَّ إليه يدُ العابثين المحرِّفين، أما كُتُبُهم المنزَّلةُ على أنبيائهم، فتلاعبوا بها أيَّما تلاعب:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}[البقرة: ٧٩].
بل من أعظم الأدلةِ على صدقِ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بقاءُ دينِه هذه القرونَ الطويلةَ ظاهراً منصورًا، وقد كان أمرُه - صلى الله عليه وسلم - في حياته دائمًا إلى ظهورٍ وعُلوٍّ على أعدائه، وحكمةُ الله تعالى تأبى أن يُمَكِّن كاذبًا عليه وعلى دينه من العلوِّ في الأرض هذه المدةَ الطويلةَ، بل في كتبهم التي كَتمها علماؤُهم وحَرَّفوها أن الكذَّاب (مُدَّعي النبوة) لا يمكن أن يَبقي إلاَّ مدةً يسيرةً ثم ينكشفُ أمرُه ويضمحل.
كما ذكر عن أحدِ ملوكِهم أنه أُتِي برجل من أهل دينه (نصراني) كان يسبُّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ويَرميه بالكذب، فجَمَع المَلِكُ علماءَ مِلَّتهِ، وسألهم: كم يبقى الكذابُ؟ فقالوا: كذا وكذا -ثلاثين سنةً أو نحوها-، فقال الملك: