للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* {فِي جِيدِهَا (١) حَبْلٌ من مَّسَدٍ}:

° قال سعيد بن المسيِّب: "كانت لها قِلادةٌ فاخرة، فقالت: لأُنفِقَنَّها في عداوةِ محمدٍ، فأعقَبَها اللهُ بها حَبْلاً في جِيدِها من مَسدِ النار".

° وعن الثوري: "هي قلادةٌ من نارٍ طولُها سبعون ذراعًا" (٢).

أبو لهب: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} ستَصلاها، وفي عُنقها حَبلٌ من مَسَد، تناسُقٌ في اللفظ، وتناسق في الصورة، فجهنم هي نار ذاتُ لهب، يَصلاها أبو لهب، وامرأتُه تحملُ الحطب، وتُلقِيه في طريقِ محمدٍ لإِيذائه والحطبُ مما يوقَدُ به اللهب، وهي تَحزِمُ الحطبَ بحبل، فعذابها في النار ذاتِ اللهب، أن تُغَل بحبلٍ من مَسد، ليتم الجزاءُ من جنس العمل" (٣).

وانظر يا أخي، مثلما أرادا أن يُنغِّصَا عيشَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، بتطليق ابنتَيه، وتتُّبعِه في المجالس بتكذيبه، مثلما أثارا حَربًا شعواءَ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الدَّعوة، لا هوادةَ فيها، ولا هُدنة، انظر إلى وقع السورة في نفسِ أمِّ جميل، التي ذُعرت لها، وجُنَّ جنونُها، وحَسِبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد هجاها بشِعرٍ، وبخاصةٍ حين انتشرت هذه السورة، وما تحمله من تهديدٍ ومَذِمَّة، وتصوير زَرِيٍّ لأم جميل خاصةً، وتصوير يُثير السخرية، من امرأةٍ مُعجَبةٍ بنفسها، مُدِلَّةٍ بحَسَبها ونَسَبها، ثم ترتسِمُ لها هذه الصورة {نَارًا


(١) الجيد: العنق.
(٢) "تفسير ابن كثير" (٨/ ٥٣٦).
(٣) "الظلال" (٦/ ٤٠٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>