للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخورُ خُوارَ الثَّوْر، فقالوا له: ما أجزَعَك، إنما هو خدْش؟ فذكر لهم قولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أقتل أُبيًّا"، ثم قال: والذي نفسي بيده، لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون .. فمات إلى النار، {فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ} " (١).

• وقد رواه موسى بنُ عقبةَ في "مغازيه" عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَّب نحوه، وقال ابن إسحاق: "لما أُسند رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الشِّعب أدركه أُبيُّ بن خَلَف، وهو يقول: لا نجوتُ إن نجوتَ، فقال القومُ: يا رسولَ الله، يَعطِفُ عليه رجلٌ منَّا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعُوه"، فلما دنا منه، تناول رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الحربةَ من الحارثِ بنِ الصِّمَّة، فقال بعضُ القوم -كما ذُكر لي-، فلما أخَذَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - انتَفَض انتفاضةً تطايرنا عنه تطايرُ الشُّعْر (٢) عن ظَهر البعير إذا انتفضه، ثم استقبله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فطَعَنه في عُنقه طَعنةً تدأدأ منها (٣) مرارًا" (٤).

° "لما رجع إلى قومه، وقد خَدَشه الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - بالحَربة خَدْشًا غيرَ كبير، قال: قتلني واللهِ محمد، قالوا له: ذهب واللهِ فؤادك، واللهِ ما بك من بأس قال: إنه قد كان قال بمكة: "أنا أقتُلك"، فواللهِ، لو بَصَق عليَّ لَقَتلني.

فكان هذا الشقيُّ هو الوحيدَ الذي قتله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيده


(١) "البداية والنهاية" لابن كثير (٥/ ٤٠٣)، و "دلائل النبوة" للبيهقي (٣/ ٢٥٨، ٢٥٩).
(٢) الشُّعْر: بضم الشين وسكون العين: جَمْع شعراء، وهي ذِبَّانٌ حُمْر. انظر "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٤٨٠).
(٣) قال ابن هشام: تدأدأ: تقلّب عن فرسه فجعل يتدحرج.
(٤) "البداية والنهاية" (٥/ ٤٠٣ - ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>