للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلِّمونه إلاَّ كلَّمتُه. قالوا: فهل أجابك؟ فقال: نعم!. ثم قال: لا والذي نَصَبَها بِنْيةً ما فهمتُ شيئًا ممَّا قال غير أنه أنذركم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود. قالوا: ويلك! يكلِّمك الرجلُ بالعربية لا تدري ما قال؟ قال: لا واللهِ ما فهمت شيئًا مما قال غير ذِكر الصاعقة".

° وقد رواه البيهقي وغيره عن الحاكم، وزاد: "وإن كنت إنما بك الرياسةُ عَقَدْنا ألويتَنا لك، فكنت رأسًا ما بقيت".

° وعنده أنه لما قال: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَاد وَثَمُودَ} أمسَك عقبةُ على فِيه وناشده الرحم أَنْ يكفَّ عنه، ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم، فقال أبو جهل: "والله يا معشرَ قريشٍ ما نرى عتبةَ إلاَّ صبأ إلى محمدٍ وأعجبه طعامُه، وما ذاك إلاَّ من حاجةٍ أصابَتْه، انطلِقوا بنا فأتُوه .. فقال أبو جهل: "واللهِ يا عتبة ما جِئنا إلاَّ أنك صَبَوْت إلى محمدٍ وأعجبك أمره، فإنْ كان بك حاجة جَمَعنا لك مِن أموالنا ما يُغنيك عن طعامٍ محمد، فغَضِبَ وأقسم باللهِ لا يُكلِّمُ محمدًا أبدًا. وقال: لقد عَلِمتم أني من أكثرِ قريشٍ مالاً، ولكني أتيته -وقصَّ عليهم القصة-، فأجابني بشيءٍ واللهِ ما هو بسِحر ولا بشِعر ولا كِهانة، قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حتى بلغ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١ - ١٣]. فأمسكتُ بفِيهِ، وناشدتُه الرحم أن يَكُفًّ، وقد علمتم أن محمدًا إذا قال شيئًا لم يَكذِب، فخِفتُ أن ينزل بكم العذاب" (١).


(١) "البداية والنهاية" (٦/ ٦٠ - ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>