للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومَه، وأَنَّبهم ووبَّخهم على نقضِهم العهدَ الذي بينهم وبين المسلمين، ونَصَحهم: "يا بني قريظة، لقد رأيتُ عِبَرًا، رأيتُ دارَ إخوانِنا خاليةً بعد العزِّ والشرفِ والرأسِ الفاضل، تركوا أموالَهم قد تَمَلَكها غيرُهم، وخَرجوا خُروج ذُلٍّ".

ثم أكَّد لهم -كعالم من علماء التوراة- أنه لا يُعادِي أحدٌ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ كان مصيرُه الخُسران، فقال: "لا والتوراة، ما سُلِّط هذا (١) على قومٍ قطُّ ولله بهم حاجةٌ، وقد أوقع ببني قينقاع، وكانوا أهلَ عُدَّةٍ وسلاح ونخوة، فلم يُخرجْ أحدٌ منهم رأسَه حتى سباهم، فكُلِّم فيهم فتركهم على إجلائِهم من يثرب".

ثم دعا عمرو بن سُعْدى قومَه إلى الدخول في الإسلام، ليحقِنوا دماءَهم، ويتَّبعوا الحق، قائلاً: "يا قوم، قد رأيتُم ما رأيتم، فأطيعوني، وتعالَوا نتَّبعْ محمدًا، فواللهِ إنكم لَتعلمون أنه نبي، وقد بَشَّرَنا به علماؤنا".

° ثم لا زال ابنُ سُعدى يخوِّفهم بالحربِ والسَّبي، وأقبل على سيدهم كعبِ بنِ أسد، وقال له: "والتوراةِ التي أُنزلت على موسى - عليه السلام - يومَ طورِ سيناء، إنه العزُّ والشرف في الدنيا".

° وبينما عمرُو بن سعْدَى يتحدَّثُ إلى قومه في ذلك الاجتماع، إذا بطلائع الجيش النبويِّ تظهرُ عليهم زَاحفةً نحو حُصونهم، وهنا قَطَع الزعيمُ اليهوديُّ ابنُ سعدى حديثه قائلاً: "هذا الذي قلتُ لكم".

° ومع هذا فقد رفض بنو قريظة نصيحةَ عمرِو بنِ سُعدى -الذي دعاهم إلى الدخول في الإِسلام-، فتقدَّم إليهم بمحاولةٍ أخيرة، باقتراح


(١) يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>