للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسارع اليهود إلى فتح أبواب معاقِلهم وحُصونهم فورًا، بعد أن ألقَوا سلاحَهم، وأخذوا في مغادرة الحصنِ مستسلمين، وأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - باعتقالِ الرجال ووَضْع القيود في أيديهم، وقد تم ذلك تحتَ إشرافِ محمدِ بنِ مَسْلمة -قائدِ الحرسِ النبوي-، وقد حَبس الرجال من بني قريظة، وعددهم حوالَي ثمانمِئةِ مُقاتِل في دارِ أسامةَ بنِ زيد (١)، وذكر ابن إسحاقَ أنهم حُبسوا في دار بنتِ الحارث، وفي رواية عُروة: في دارِ أسامة بن زيد، ويجَمَع بينهما بأنهم جُعِلوا في بيتيْن (٢). وعند ابن إسحاق أنهم كانوا سِتَّمئة، وبه جَزَم أبو عمر في ترجمة "سعد بن معاذ"، وفي حديث جابر عند الترمذي والنسائي وابن حِبَّانَ بإسنادٍ صحيحَ أنهم كانوا أرْبَعَمئةِ مُقاتِل، فيَحتمل في طريق الجمع أن يقال: إن الباقين كانوا أتباعًا، وقد حكى ابنُ إسحاقَ أنه قيل: إنهم كانوا تِسْعَمئة (٣) أمَّا النساء والأطفال؛ فقد رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أَوْكَلَ أمرَهم إلى عبد الله بن سَلَام، أن يحفظوا في مكانٍ ليس فيه صِفةُ الحبس والتضييق، وأُنزلوا دارَ الضيافة؛ وهي دارُ ابنةٍ الحارث النجَّارية المُعدًّةُ لنزول الوفود التي تقصِدُ المدينة، وكان عددُ هؤلاء النساء والذراريِّ يناهزُ الألف.

وشَفَع الأوسُ لحلفائهم يهودِ بني قريظة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففوَّض أمرَ هؤلاء اليهود إلى سيِّد الأوس سعد بن معاذ، قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "ألا


(١) "الكامل" لابن الأثير (٢/ ١٢٧).
(٢) "فتح الباري" (٧/ ٤٧٨).
(٣) "فتح الباري" (٧/ ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>