تَرضَون -يا معشرَ الأوس- أن يحكمَ فيهم رجلٌ منكم؟ ". قالوا: بلى، قال: "فذاك سعدُ بن معاذ".
وروى الإِمام أحمد في "مسنده" عن جابر بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "رُمي سعدُ بن معاذ، فقطعوا أكْحَلَه، فحَسَمه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالنار، فانتفخت يدُه، فحَسَمه أخرى فانتفخت يدُه فنزف، فلما رأى ذلك قال: اللهم لا تُخرجْ نَفْسي حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة .. فاستَمسَك عِرقُه فما قَطَر، حتى نزلوا على حُكم سعد، فحَكَم أن تُقتلَ رجالُهم، وتُسَبى نساؤهم وذراريُّهم، فلما فَرغ منهم انفتق عِرقُه فمات.
رضي اليهود، ونزلوا على حكم اللهِ أولاً، ثم على حكم سعدِ بنِ معاذٍ ثانيًا، لَمَّا قال لهم: أترضون بحُكمي، قالوا: نعم، قال سعد: فإني أحكمُ فيهم أن تُقتَلَ المقاتلة، وتُسبَى النساءُ والذرية، وأن تُقسَمَ أموالُهم.
فأخذهم من الغمِّ ما أخَذَهم، وصُعق اليهودُ لهذا الحُكم الصارم، وعلاهم الذهول، وخَيَّم عليهمُ الوجوم.
وأُمر بحَفرِ خنادقَ عميقةٍ في سوق المدينة، وأَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإحضارِ الرجال المحكوم عليهم، وأمَرَ بإعدامهم، فأُعدموا دَفْعةً بعد دفعة، حتى لم يَبْقَ منهم أحدٌ، وكان الصحابةُ كلَّما تَمَّ إعدامُ دفعةٍ من هؤلاء اليهود قُذفوا في الخنادق، ووارَوهم بالتراب.
واختلف المؤرِّخون في عدد اليهود الذين تَمَّ إعدامُهم، فالبعض يقول: إنهم ما بين سِتِّمئة إلى سَبْعِمئة، والبعض الآخر يقول: إنهم ما بين الثمانمئة إلى التِّسعمئة.
ولقد أُعدم هؤلاء اليهودُ في ليلةٍ واحدة، وجَرَت عمليةُ الإعدام على