للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَوءِ مشاعل سَعَفِ النخيل (١)، وتولى عمليةَ قتل اليهود الْخَوَنَةِ عليُّ بنُ أبي طالب، والزبيرُ بنُ العوام، وكان بنو قريظةَ المحتَجَزون في السِّجن مع سيِّدهم كعبِ بنِ أسد، كلما استدعى الحرسُ جماعةً منهم لإعدامهم، لاذُوا بسيِّدهم كعبٍ يسألونه في جزع وارتباك: "ما تراه يُصنع بنا؟ فيجيبهم: أفي كلِّ موطنٍ لا تعقِلون؟! هو اللهِ القتلُ".

فكان جزاؤهم من جنسِ ما أرادوا للمسلمين.

وأبى اللهُ إلاَّ أن يَصِلوا هم إلى النهاية المريبة، التي أرادوا للمسلمين الوصولَ إليها، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣].

وهنا أمر آخر: أن الحكم الذي أصدره سعدُ بنُ معاذ على يهودٍ بني قريظة، وأقرَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقام بتنفيذه، قد جاء تمامًا وِفق الشريعةِ المُوسَوِية عند اليهود أنفسِهم، كما في التوراة عندهم، فقد نصَّ "الإِصحاح العشرون" من "سِفْر التثنية": "وإن تُسالمِك أيُّ قرية، بل حاربتك فحاصِرْها، وإذا دَفَعَها الربُّ إلهُك إلى يَدِك، فاضربْ جميعَ ذكورِهم بحدِّ السيف، وأما النساءُ والأطفالُ والبهائمُ وكل ما في المدينة كلّ غنيمتها، فتَغتنِمُها لنفسك، وتأكلُ غنيمةَ أعدائك التي أعطاك الربُّ إلهك" (٢).

وهذا النصُّ الصريحُ في كتابِ اليهود المقدَّس، يجعل هؤلاء يَرَون أن مِن حقهم تنفيذَ حُكمِ الإعدام فيمَن وَقع في أيديهم من أعدائهم الرجال،


(١) "السيرة الحلبية" (٢/ ١٢٠).
(٢) "سفر التثنية" (٢٠/ ١٣ - ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>