للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وزَكَّى الله خُلُقَه فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}:

° "عظيمُ الأخلاق، كريمُ السجايا، مُهَذَّب الطِّباع، نقيُّ الفِطرَة، جَمُّ الحياء، حَيُّ العاطفة، جميلُ السِّيرة، طاهرُ السريرة، أُلبس إِهابَ الهَيبة، وتُوِّج تاجَ السِّيادة، وضُمِّخ بأذكى خَلوقٍ أذكى الأخلاق، وأُحِلَّ دارَ المُدَاراة، وأُعطِيَ لقطع مفازة الدنيا جَوادَ الجُودِ، فهو هلالُ شهرِ الكمال، وأميرُ جيشَ الجود، ورُوحُ جُثمانِ الكون، وحشاشةُ نفسِ الملكة" (١).

° "أُجْلِس على صفحةِ الصَّفح، ولُقِمَ لُقَمَ لقمان الحكيم، ووُضِعت له أكوابُ التواضع، وأُديرت عليه كؤوسُ الكَيْس، مُتضمِّنةً حلاوةَ الحِلم، خِتامُها مِسْكُ النُّسك، نُووِلَ قلمَ العِزِّ، فوقَّع على صحائفِ الكَدِّ، "كلُّ عملٍ ليس عليه أمرُنا فهو رَد".

كان يعودُ المريض، ويُجيب دعوةَ المملوك، ويجلسُ على الأرض، ويَلبَسُ الخشِن، ويأكلُ البشع، ويَبيتُ اللياليَ طاويًا، يتقلبُ في قفرِ الفقر، ولسانُ الحال يناديه: يا محمد، نحن نَضِنُّ بك عن الدنيا، لا بها عنك" (٢).

أُشرِبت نفسُه عِلمَ اليقين وعَينَه وحقَّه.

* {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}:

° "إنك قِمَّةُ الفضائل، ومَنبعُ الجُود، ومَطْلَعُ الخير، وغايةُ الإحسان.

يَظلِمونك فتَصْبِر، يُؤذونك فتَغفر، يَشتمونك فتحلُم، يَسبُّونك فتعفو، يجفونك فتصفح.


(١) "مقامات ابن الجوزي" لابن الجوزي (ص ٤٨) - دار فوزي للطباعة.
(٢) "المدهش" لابن الجوزي (ص ١١٧ - ١١٨) - دار مروان للطباعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>