(١) قال الزين بن المنير: "إنما عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام على ابن صياد بناءَ على أنه ليس الدجّال المحذَّر منه. قلت (القائل: هو الحافظ ابن حجر): ولا يتعيّن ذلك، بل الذي يظهر أن أمره كان محتملاً فأراد اختباره بذلك، فإن أجاب غلب ترجيح أنه ليس هو، وإن لم يجب تمادى الاحتمال، أو أراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعوى النبوة، ولما كان ذلك هو المراد أجابه بجواب منصف، فقال: "آمنت بالله ورسله". وقال القرطبي: كان ابن صياد على طريقة الكهنة يخبر بالخبر فيصحّ تارة ويفسد أخرى، فشاع ذلك ولم ينزل في شأنه وحي، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - سلوك طريقة يختبر حاله بها. (٢) أي يأتيه الشيطان بما يسترقه من السمع فيصدق فيه، ويأتيه مع ذلك بالكذب فيكذب عليه. (٣) أي: لبَّس عليك الحق الذي يسترقه الشيطان، بالباطل الذي هو كذب إبليس. (٤) في رواية أحمد (٢/ ١٤٨) بإسناد صحيح: "إِني قد خبّأت لك خبيئًا". وخبّأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} فيها تصريح بان الذي "خُبَّئ" هو سورة "الدخان". قال الحافظ في "الفتح": "وأما جواب ابن صياد بـ "الدُّخُّ" فقيل: إنه اندهش فلم يقع من لفظ "الدخان" إلاّ على بعضه. و"الدُّخُّ" هو بضم الدال وتشديد الخاء، وهو لغة في الدُّخان. وحكى صاحب "نهاية الغريب" فتح الدال وضمَّها، والمشهور في كتب اللغة والحديث ضمها. والصحيح المشهور وهو قول الجمهور أنه - صلى الله عليه وسلم - أضمر له آية الدخان وهي قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}. ولم يهتد ابن صياد من الآية التي أضمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلاّ هذا اللفظ الناقص، على عادة الكهان إذا ألقى الشيطان إليهم بقدر ما يخطف قبل أن يدركه الشهاب، ويدل عليه قوله =