للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أسلمت بعد ذلك سجاحُ.

هذا الكذَّابُ الذي كَذَب على الله ورسوله، فشانَه اللهُ وفَضَحه بكَذِبه، فما يُسمَّى إلاَّ مسيلِمة "الكذَّاب"، وكفى به جزاءً في الدنيا، فكيف بالقتل وقد قَتَله وحشيٌّ العبد؟ فكيف بيوم القيامة، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: ٦٠]، ويقول تعالى: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨].

وكان مؤذِّنَه "عبدُ الله بن النوَّاحة"، والذي يقيم الصلاة له "حُجر بن عمير"، وكان يقول أثناءَ الإِقامة: "أشهد أن مسيلمةَ يزعم أنه رسول الله"، فقال مسيلمة: "أفْصح حُجَيْر، فما في المجمجة خير" (١).

وجاء في قرآنِ مسيلِمة الكذابِ مما يثير الضحكَ والعجبَ العُجاب:

* قال الحافظُ ابن كثير: "لَمَّا قَدِمت وفودُ بني حنيفة على الصِّدِّيق (٢) قال لهم: أَسْمِعونا شيئًا من قرآنِ مُسيلِمة. فقالوا: أَوَ تُعفينا يا خليفةَ رسولِ الله؟ فقال: لابُدَّ من ذلك. فقالوا: كان يقول: يا ضِفْدع بنتَ الضِّفْدَعين، نِقِّي كمْ تَنقِّين، لا الماءَ تُكدِّرينْ، ولا الشاربَ تَمْنَعِين، رأسُك في الماء، وذَنبُك في الطِّين".

وكان يقول: "والمُبَذرَات زَرْعاً، والحاصِداتِ حصداً، والذَّارياتِ قمحاً، والطاحِناتِ طَحْناً، والخابزات خُبْزاً، والثارِداتِ ثَرْداً، واللاقماتِ


(١) "الكامل" (٢/ ٣٦١).
(٢) انظر "تاريخ الطبري" (٣/ ٢٨٤، ٣٠٠) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>