يَقْدِرْ على قتلِه معهم، وقال له: ألم أُخبِرْك الحقَّ وتخبِرْني الكَذِبَ؟ إنه -يعني شيطانه- يقول لي: إن لا تَقطعْ من قيسٍ يَدَه يقطعْ رقبتك.
فقال قيس: إنه ليس من الحق أنْ أَهْلِكَ وأنت رسولُ الله، فمُرْني بما أحببتَ أو اقتلْني، فموتةٌ أهون من مَوتات .. فرقَّ له وتركه، وخرج قيسٌ فمرَّ بنا وقال: اعمَلوا عَمَلكم. ولم يقعدْ عندنا، فخرج علينا الأسودُ في جَمعٍ، فقمنا له وبالباب مئةٌ ما بين بَقرةٍ وبَعير، فنحرها، ثم خلاَّها، ثم قال: أحقٌّ ما بلغني عنك يا فيروز -وبوَّأ له الحَربة- لقد هممتُ أن أنْحَرَك.
فقال: لقد اختَرْتَنا لصِهْرِك، وفَضَّلْتَنا على الأبناء، فلو لم تكن نبيّاً لَمَا بِعْنا نَصيبَنا منك بشيء، فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ الدنيا والآخرة؟!.
فقال له: اقسِمْ هذه .. فقَسَمها ولَحِقَ به، وهو يسمعُ سِعايةَ رجُلٍ بفيروز وهو يقول له: أنا قاتلُه غداً وأصحابه. ثم التفت، فإذا فيروز، فأخبره بقَسْمتها، ودخل الأسودُ، ورجع فيروز، فأخبَرَنا الخبر، فأرسلنا إلى قيسٍ، فجاءنا، فاجتَمَعْنا على أن أعودَ إلى المرأة فأُخبِرَها بعزيمتنا، ونأخذُ رأيها، فأتيتُها فأخبرتُها فقالت: هو متحرِّز، وليس من القصر شيءٌ إلا والحرسُ محيطون به، غير هذا البيت، فإنَّ ظَهْرَه إلى مكانِ كذا وكذا، فإذا أمسيتم فانقبوا عليه، فإنكم من دونِ الحرسِ وليس دون قتلِه شيء، وستجدون فيه سِراجاً وسلاحاً.
فتلقاني الأسودُ خارجاً من بعضِ منازله فقال: ما أدخلَك علىَّ؟ ووجأ رأسي حتي سقطت، وكان شديداً، فصاحت المرأةُ فأدهَشَتْه عني، ولولا ذلك لقتلني، وقالت: جاءني ابنُ عمي زائراً ففعلتَ به هذا!! فتركني، فأتيتُ أصحابي فقلتُ: النجاءَ، الهربَ، وأخبرتُهم الخبر، فإنَّا على ذلك