إلى أخَصَّائه أنه يُوحَى إليه، وكان قد وُضع له كرسيٌّ يُعَظَّم ويَحُفُّ به الرجال، ويُستر بالحرير، ويُحمل على البغال، وكان يضاهَى به تابوتُ بني إسرائيل المذكورُ في القرآن.
° من تُرَّهاته: أنه كان عنده كُرسيٌّ قديم قد غَشَّاه بالدِّيباج وزَينه بأنواع الزينة، وقال:"هذا من ذخائر أميرِ المؤمنين عليٍّ كَرَّم الله وجههَ، وهو عندنا بمنزلةِ التابوت لبني إسرائيل".
° وكان إذا حارب خصومَه يَضعُه في براح الصفِّ ويقول:"قاتِلوا ولكم الظفَرُ والنُصرة، وهذا الكرسيُّ مَحِلُّه فيكم محلُّ التابوت في بني إسرائيل، وفيه السَكينةُ والبقيةُ، والملائكةُ، من فوقكم ينزلون مدداً لكم"(١).
° أمَّا مبدأُ هذا الكرسي، فقد رَوى ابنُ جرير بإسناده إلى طُفيل بن جَعْدةَ ابنِ هُبيرة قال: "أُعدِمتُ مرةً من الورق، فإني كذلك إذ مَررتُ ببابِ رجل هو جار لي، له كرسيّ قد رَكِبه وسخٌ شديد، فخَطر في بالي أنْ لو قِلتُ في هذا، فأرسلت إليه أن أرسِل إليَّ بالكرسي، فأرسل به، فأتيتُ المختارَ فقلتُ له: إني كنتُ أكتُمُك شيئاً، وقد بدا لي أن أذكرَه إليك، قال: وما هو؟ قلتُ: كرسيٌّ كان جَعْدةُ بنُ هبيرة يجلسُ عليه؛ كأنه كان يرى أن فيه أثارةً من عِلم، قال: سبحان الله! فلمَ أخرتَ هذا إلى اليوم؟ ابعثه إليَّ، قال: فجئتُ به، وقد غُسل فخرج عُوداً ناضِراً وقد شَرِب الزيت، فأمر لي باثني عَشَر ألفاً، ثم نودي في الناس: الصلاةُ جامعة، قال: فخَطب
(١) "الملل والنحل" للشهرستاني (١/ ١٤٩)، و"تاريخ ابن الوردي" (١/ ١٧٦)، و"الكامل" للمبرد (٣/ ٢٦٩)، و "البداية والنهاية" (٨/ ٢٩٢).