للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينبعُ منه الحكمةُ، وأن أعضاءَه على صورِ حروفِ الهجاء، وأن "الألف" منها مِثالُ قدمَيه، و"العين" على صورةِ عينه، وشَبَّه "الهاء" بالفَرْج (١).

وله في بَدءِ الخَلق كلامٌ عجيب وهذيانٌ غريب، كزعمه أن الله تعالى لمَا أراد أن يخلقَ العالَمَ تكلمَ باسمِه الأعظم، فطار ذلك الاسم ووقع تاجاً على رأسه، وتأوَّل على ذلك قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١]، وزعَم أنَّ الاسم الأعلى إنما هو ذلك التاجُ، ثم إنهَ بعد وقوع التاج على رأسه كتب بإصبَعه على كفِّه أعمالَ عباده، ثم نظر فيها فغَضب من معاصيهم، فعَرِق، فاجتمع من عَرَقه بَحْران، أحدهما مُظلِمٌ مالحٌ، والآخرُ عَذبٌ نيّر، ثم اطَّلَع في البحر فأبصَرَ ظِلَّه، فذهب ليأخذَه، فطار، فانتزع عيني ظِلِّه، فخَلَق منهما الشمسَ والقمرَ، وأفنى باقيَ ظِلِّه، وقال: "لا ينبغي أن يكون معي إلهٌ غيري .. " (٢)، إلى آخر ذلك الكلام الذي يَعجبُ منه كلُّ من قرأه أو سمعه، ولا يُصدِّقُ أن لقائله مُسْكةً من عقل، بَلْهَ أن يكون نبيّاً رسولاً.

وزَعم كذلك أن الله تعالى خَلق الناسَ قبل أجسادهمِ، فكان أولَ ما خَلَق ظِلَّ محمدٍ .. قال: فذلك قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: ٨١]، قال: ثم أرسل ظِلَّ محمدٍ إلى أظلال الناس (٣) .. إلخ ما ذكره من ذلك الهراء.

ومن تُرَّهاته أنه كان يُحرِّمُ ماءَ الفرات، وكلَّ ماءِ نهرٍ أو عينٍ أو بئرٍ


(١) "الفرق بين الفرق" (ص ٢٣٩).
(٢) "الفرق بين الفرق" (ص ٢٣٩ - ٢٤٥)، و"مقالات الإسلاميين" (٦٩، ٧٢، ٧٣).
(٣) "الملل والنحل" (٤/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>