للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء، وإبطالِ الجنِّ في الأرض، وأوصيك بأن تدعوَهم إلى القول بأنه قد كان قبلَ آدم بَشَر كثيرٌ، فإن ذلك عَوْنٌ لك على القول بقدم العالم".

وفي هذا تحقيق دعوانا على الباطنية أنهم دُهْرِية يقولون بقِدَمِ العالَم، ويَجحدون الصانع، ويدلُّ على دعوانا عليهم القولَ بإبطال الشرائع أن القيرواني قال أيضاً في رسالته إلى سليمان بن الحسن: "وينبغي أن تُحِيطَ علماً بمخاريقِ الأنبياء ومُناقضاتِهم في أقوالهم، كعيسى ابنِ مريم قال لليهود: "لا أَرفعُ شريعةَ موسى"، ثم رَفَعها بتحريم الأحدِ بدلاً من السبت، وأباح العملَ في السبت، وأبدل قِبلةَ موسى بخلافِ جهتها، ولهذا قَتَلَتْه اليهودُ لَما اختلفت كلمته".

° ثم قال له: "ولا تكن كصاحبِ الأُمةِ المنكوسة حين سألوه عن الروح فقال: {الروحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} لمَا لَم يعلم ولم يَحْضُره جوابُ المسألة، ولا تكن كموسى في دعواه التي لم يكن له عليها برهانٌ سوى المَخرقةِ بحُسنِ الحِيلة والشعبذة، ولما لم يجد المحقّقُ في زمانه عنده برهانًا قال: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي}، وقال لقومه: {أَنَا رَبّكُم الأَعْلَى}؛ لأنه كان صاحب الزمان في وقته".

° ثم قال في آخِرِ رسالته: "وما العَجَبُ من شيءٍ كالعجب من رجلٍ يدَّعي العَقْلَ ثم يكون له أختٌ أو بنتٌ حَسْناء وليست له زوجةٌ في حُسنها فيحرِّمُهَا على نفسه ويُنْكِحها من أجنبي، ولو عَقَل الجاهلُ لَعَلم أنه أحقّ بأختهِ وبنته من الأجنبي، وما وَجهُ ذلك إلاَّ أن صاحبَهم حَرَّم عليهم الطيِّبات، وخَوَّفهم بغائبٍ لا يعقل، وهو الإلهُ الذي يزعمونه، وأخبرهم بكَوْنِ ما لا يَرَونه أبداً من البعْث من القبورِ والحسابِ والجنةِ والنار، حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>