عن عاقبة بعد الموت، وعن ثوابٍ وعقاب، وجنةٍ ونار، يكون فيها الجزاءُ عن الأعمال السالفة .. والباطنيةُ يرفضون المعجزات، وُينكِرون نزولَ الملائكة من السماء بالوَحْي والأمر والنهي، بل ينكرون أن يكون في السماء مَلَك، وإنما يتأوَّلون الملائكةَ على دُعَاتهم إلى بِدْعَتهم، ويتأوَّلون الشياطين على مخالفيهم، والأبالسةَ على مخالفيهم.
ويزعُمون أن الأنبياءَ قومٌ أحَبُّوا الزعامةَ، فساسُوا العامة بالنواميس والحيل طلباً للزعامة بدعوى النبوة والإمامة، وكل واحد منهم صاحبُ دَورٍ مسبَّعٍ إذا انقضى دَورُ سبعة، تَبِعهم في دَورٍ آخر، وإذا ذكروا النبيَّ والوحي قالوا: إن النبي هو الناطق، والوحيَ أساسُه الفاتق، وإلى الفاتق تأويلُ نطقِ الناطق على ما تراه يميلُ إليه هواه، فمَن صار إلى تأويله الباطنِ فهو من الملائكة البَرَرَة، ومَن عَمِل بالظاهر فهو من الشياطين الكَفَرة.
ثم تأوَّلوا لكلِّ ركنٍ من أركانِ الشريعة تأويلاً يُورِثُ تضليلاً، فزعموا أن معنى "الصلاة" موالاةُ إمامهم، و"الحجَ" زيارتُه وإدمانُ خِدمته، والمرادُ "بالصوم" الإمساكُ عن إفشاءِ سرّ الإمام دون الإمساكِ عن الطعام، و"الزِّنى" عندهم إفشاءُ سرهم بغير عهدٍ وميثاق.
وزَعَموا أنَّ مَنْ عرف معنى العبادة سَقَط عنه فرضُها، وتأوَّلوا في ذلك قوله:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: ٩٩]، وحَمَلوا "اليقينَ" على معرفةِ التأويل.
° وقد قال القَيرواني في رسالته إلى سليمانَ بنِ الحسن: "إني أوصيك بتشكيك الناسِ في القرآنِ والتوراة والزبورِ والإنجيل، وبدَعوتِهم إلى إبطال الشرائع، وإلى إبطالِ المعاد والنشور من القبور، وإبطالِ الملائكة في