للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصفةٍ مرئيةٍ كيف يشاءُ حيث يشاء .. إلى أن يقول: وهو سبحانه لا تُغيِّرُه الدهورُ ولا الأعوامُ ولا الشهور، وإنما يتغيَّرُ عليكم بما فيه صلاحُ شأنِكم، وهو تغييرُ الاسم والصِّفة لا غير، وأفعالُه جلَّ ذكره تظهرُ مِن القوَّة إلى الفعل كما يشاءُ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩]، أي: كلَّ عصر في صورةٍ لا يشغلُه شأنٌ عن شأن.

وأما مَن قال واعتَقد بأن مولانا جلَّ ذِكرُه سَلَّم قدرتَه ونَقَل عظمتَه إلى الأمير عليٍّ، أو أشار إليه بالمعنويَّة، فقد أشرك بمولانا سبحانه غيرَه وسَبَقه بالقول .. فمن منكم يعتقدُ هذا القولَ فليرجعْ عنه ويَسْتَقِلْ منه ويستغفرِ المولى جلَّ ذِكرُه وتقدَّسَ اسمُه من ذلك .. ولا يجوز لأحدٍ يُشركُ في عبادته ابناً ولا أباً، ولا يشيرُ إلى حجابٍ يحتجبُ مولانا جلَّ ذكرُه فيه إلاَّ بعد أن يُظهرَ مولانا جلَّ ذكره أمرَه، ويجعل فيمن يشاءُ حِكمَتَه، فحينئذٍ لا مردَّ لقضائه ولا عاصيًا لحكمه.

وما أدراك ما حقيقةُ الحاكم؟ ولِمَ تسمَّى بالحاكم في هذه الصورة دون سائرِ الصور؟ ومولانا جلَّ ذكرُه غيرُ غائبٍ عن ناسوته، فِعلُه فِعلَ ذلك المحجوب عنا في نُطقِهِ ذلك النطق، لا يَغيبُ اللاهوتُ عن الناسوت إلا أنكم لا تستطيعون النظر إليه، ولا لكم قُدرةٌ بإحاطة حقيقته.

وأراد بالحاكم، أي يحكمُ على جميع النطقاءِ والأسسِ والأئمَّةِ والحُجج وَيستعبدُهم تحتَ حُكمه وسلطانه، وهي عَبيدُ دولته ومماليكُ دعوتِه الحاكم بذاته .. وتركُ الاعتراض فيما يفعله مولانا جلَّ ذِكر، ولو طَلَب من أحدكم أن يَقتل ولدَه لوجب عليه ذلك بلا إكراهِ قلب؛ لأنَّ مَن فَعَل شيئاً هو غيرُ راضٍ به لم يُثَب عليه، ومَن رَضِي بأفعالِه وسَلَّم الأمرَ إليه، ولم يُراءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>