وهذه الطائفةُ الملعونة استَولت على جانبٍ كبير من بلاد الشام، وهم معروفون مشهورون متظاهرون بهذا المذهب، وقد حَقَّق أحوالَهم كلُّ مَن خالَطهم وعَرَفهم من عقلاءِ المسلمين وعلمائهم، ومن عامةِ الناس أيضًا في هذا الزمان؛ لأنَّ أحوالَهم كانت مستورةً عن أكثرِ الناس وقتَ استيلاءِ الإِفرنج المخذولِين على البلاد الساحلية، فلما جاءت أيامُ الإِسلام انكشف حالُهم وظَهر ضلالُهم، والابتلاءُ بهم كثير جدًّا.
فهل يجوزُ لمسلم أن يُزوَجهم، أو يتزوَّجَ منهم؟ وهل يَحِل أكل ذبائحهم والحالةُ هذه، أم لا؟ وما حُكمُ الجُبنِ العمول من إنْفِحَّةِ ذبيحتِهم؟ وما حُكم أوانِيهم وملابسهم؟ وهل يجوز دفنُهم بين المسلمين، أم لا؟ وهل يجوزُ استخدامُهم في ثغورِ المسلمين وتسليمُها إليهم؟ أم يجب على وليِّ الأمر قَطعُهم واستخدامُ غيرِهم من رجالِ المسلمين الكفاة، وهل يأثم إذا أخَّر طَردَهم؟ أم يجوزُ له التمهُّل مع أنَّ في عزمه ذلك؟ وإذا استَخدَمَهم وأقْطَعَهم أو لم يُقطِعْهم، هل يجوزُ له صَرفُ أموالِ بيتِ المالِ عليهم، وإذا صَرَفها وتأخَّر لبعضِهم بقيةٌ من معلومه المسمَّى، فأخره وليّ الأَّمر عنه وصَرَفه على غيرِه من المسلمين أو المستحقين، أو أرصده لذلك: هل يجوزُ له فِعلُ هذه الصور؟ أم يجبُ عليه؟ وهل دماءُ النصيريةِ المذكورين مباحة وأموالُهم حلال، أم لا؟ وإذا جاهَدهم وليُّ الأمر -أيَّده الله تعالى- بإخمادِ باطلهم، وقَطْعِهم من حصون المسلمين، وحَذر أهل الإسلام من مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وألزَمَهم بالصوم والصلاة، ومَنَعهم من إظهارِ دينهم الباطل وهم الذين يَلُونه من الكفار: هل ذلك أفضل وأكثرُ أجرًا من التصدي والترصُّد لقتال التتار في بلادهم وهدم بِلاد "سيس" وديارِ الإِفرنج