للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° قال الشعبيُّ: "نزلت {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} بالحديبية، وأصاب في تلك الغزوة ما لم يُصِبْ في غزوة؛ أصاب أن بُويع بيعةَ الرَّضوان، وغُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه وما تأخَّر، وظَهَرت الرُّومُ على فارس، وبَلَغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وأُطعِموا نخلَ خيبر، وفرح المؤمنون بتصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - وبظهورِ الروم على فارس" (١).

° وقال الزهريُّ عن صُلح الحديبية: "فما فُتح في الإسلام فتحٌ قبلَه كان أعظمَ منه، إنما كان القتالُ، حيث التقى الناسُ، فلما كانت الهُدنة، ووُضِعت الحرب، وأمِنَ الناسُ بعضُهم بعضًا، والتَقَوا، فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يُكلَّمْ أحدٌ في الإسلام يَعقل شيئًا إلاَّ دخل فيه، ولقد دَخَل في تَيْنِكَ السَّنتين (٢) مِثلُ مَن كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر".

° قال ابن هشام: "والدليلُ على قول الزهريِّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَج إلى الحديبية في ألفٍ وأربعِمِئةٍ في قولِ جابر بن عبد الله، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتينِ في عشرة آلاف".

فَرح قلبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبيرُ فرحًا كبيرًا بهذه السورة، فرح قلبُه بالفتح، الذي كان فتحًا في الأرض، وفتحًا في الدعوة، وفتحًا في النُّفوس والقلوب، تُصوِّرُه بيعةُ الرضوان وشفافيةُ المُبايِعِين ووضاءتُهم وتكريمُ اللهِ لهم ورضاه عنهم.


(١) "تفسير الطبري" (٢١/ ٢٤٤)، و"تفسير عبد الرزاق" (٢/ ٢٢٥)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٦٨).
(٢) "بين صلح الحديبية وفتح مكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>