للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنامُ ولم تنمْ عينُ المنايا … تنبَّه للمَنِيَّة يا نؤومُ

لهَوْتَ عن الفناءِ وأنت تفنى … فما شيءٌ من الدنيا يدومُ

° ويَروي الكاشاني أنه قال في تلك الليلة أيضًا: "سيقتلوني صباحًا بالذِّلَّة والإهانة، فيا حبَّذا لو وُجِد مَن يقتلُني هذه الليلةَ في هذا السجن حتى لا أرى الذلةَ والمهانة من الأعداء، إنه لو فَعل أحدٌ من الأحبَّاءِ لكان عَمَلُه عين الصواب" (١).

° ولَمَّا استعدَّ لذلك المُلاَّ محمد علي الزنوزي المجنون، ارتعَد مرةً أخرى، وتراجع حينما رأى سَيْفَه مسلولاً، "وبدأ ينتحب ويبكي كما بكى أصحابُه وأتباعُه في السجن"، وكان يظن أن مربيه الروس والإنجليزَ سيحاولون كل الجهد لبقائه وإنقاذه من مخالب الموت، وفعلاً عمِلوا كل ما في وُسعِهم، وما آلَوْا جهدًا، ولكن لم يكن ليرد قضاءُ الله وقَدَرُه و"صباح ذلك اليوم طافوا بالشيرازي واليزدي والزنوزي في شوارع "تبريز" حيث نُقلوا هناك للإِعدام" (٢).

فأَغلقَ الناسُ دكاكينَهم، وصكُّوا متاجِرَهم، واندفعوا إلى الميدانِ الكبير الذي اختِير كساحةٍ للقتل، واحتَشَد هناك الرجالُ والنساءُ حتى لم يَبْقَ مَحِلٌّ في الميدان، فطَلَع الناسُ على سُطوح البيوت المُطِلَّة على الميدانِ وجُدرانها .. ولما رأى كاتبُ وحيه "حسين اليزدي" هذا المنظرَ الرهيب أخَذَه الرعبُ والخوفُ وبدأ يُمطِرُه سَبًّا ولَعنًا، ويتبرأ منه، ويَتَنكَّرُ للبابية، ويَرجعُ


(١) "نقطة الكاف" (ص ٢٤٦).
(٢) "نقطة الكاف" (ص ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>