ولا يَفعلُ الحيوانُ عنده فِعلَينِ مختلفين، كما لا يكونُ من النار تبريدٌ وتسخين. ويلزمُه على هذا الأصل أن لا يغضبَ على مَنْ شَتَمه ولَعَنه؛ لأنَّ قولَ القائل: "لعن الله النَّظام" عند النظام مثلُ قوله: "رَحِمه الله"، وقوله: "إنه ولدُ زنى" كقوله: "إنه ولد حَلال"، فإنْ رَضِيَ لنفسه بمثل هذا المذهب، فهو أهلٌ له ولِمَا يلزمُه عليه"(١).
° ومِن فضائحه:"وهي التي تكادُ السماواتُ يتفطَّرن منه، وهي دَعْوَاه أنه لا يُعْلَم -بإخبارِ الله عَزَّ وَجَلَّ ولا بإخبارِ رسوله - عليه السلام -، ولا بإخبارِ أهل دينه- شيءٌ على الحقيقة، ودعواه أن الأجسامَ والألوان لا يُعلمانِ بالأخبار.
والذي ألجأه إلى هذا القولِ الشنيعِ قولُه بأن المعلوماتِ ضربان: "محسوسٌ، وغير محسوس"، والمحسوس منها أجسام، ولا يصح العلمُ بها إلاَّ من جِهةِ الحِسِّ، والحسُّ عنده لا يقعُ إلاَّ على جسم، واللونُ والطعمُ والرائحةُ والصوتُ عنده أجسام.
قال: "ولهذا أدركتُ بالحواس".
وأما غيرُ المحسوس فضربان: قديم، وعَرَض، وليس طريقُ العلمِ بهما الخبر، وإنما يُعْلَمانِ بالقياسِ والنظر، دون الحسِّ والخبر.
فقيل له على هذا الأصل: "كيف عرفتَ أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان في