للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فهذا قولُه في أخيار الصحابة وفي أهل بَيْعَةِ الرضوان الذين أنزل الله تعالى فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: ١٨].

ومَنْ غَضِب على من - رضي الله عنه - فهو المغضوبُ عليه دونه.

ثم إنه قال في كتابه: "إن الذين حَكموا بالرأي من الصحابة إمَّا أن يكونوا قد ظَنُّوا أن ذلك جائزٌ لهم، وجَهِلوا تحريمَ الحكم بالرأي في الفتيا عليهم .. وإما أنهم أرادوا أن يُذْكَرُوا بالخلاف وأن يكونوا رؤساءَ في المذاهب، فاختاروا لذلك القولَ بالرأي".

فنَسَبهم إلى إيثارِ الهوى على الدين، وما للصحابة - رضي الله عنهم - عند هذا الملحدِ الفرِيِّ (١) ذنبٌ غيرُ أنهم كانوا موحدِينَ لا يقولون بكفرِ القَدَريَّة الذين ادعَوْا مع الله تعالى خالِقِينَ كثيرين.

وإنما أنكر على ابن مسعود روايته: "إن السعيد مَن سَعِد في بطنِ أُمِّه، والشقيَّ مَن شَقِيَ في بطنِ أمه"؟ لأن هذا خلافُ قول القَدريَّةِ في دعواها في السعادة والشقاوة، ليستأمنَ قضاءَ الله -عز وجل- وقَدَرَه.

وأما إنكارُه انشقاقَ القمر، فإنما كَره منه ثبوتَ معجزةٍ لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، كما أنكر معجزتَه في نظم القرآن، فإن كان أحال انشقاقَ القمرِ -مع ذِكرِ الله عز وجل ذلك في القرآن مع قوله مِن طريق العقل-، فقد زَعَم أن جامعَ أجزاءِ القمر لا يُقْدَرُ على تفريقها، وإن أجاز انشقاقَ القمر في القُدْرة والإمكان، فما الذي أوجب كَذبَ ابنِ مسعود في روايته انشقاقَ القمر مع ذِكرِ الله -عز


(١) تقول: هذا رجل فَرِيٌّ -بوزن غنيٌّ- تريد أنه يفتري الكذب ويختلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>