إحداهما: أنه -لَمَّا شارَكه أصحاب المعارف في دعواهم أن المعارف ضروريةٌ- زعم أن مَنْ لم يضطرَّه اللهُ إلى معرفتِه لم يكن مأمورًا بالمعرفة ولا منهيًّا عن الكفر، وكان مخلوقًا للسُّخْرة والاعتبارِ فحسب، كسائر الحيواناتِ التي ليست بمكلفة.
وزَعم لأجلِ ذلك أن عَوَامَّ الدهريةِ والنصارى والزنادقة يَصيرون في الآخرة ترابًا.
وزعم أن الآخرةَ إنما هي دارُ ثوابٍ أو عقابٍ، وليس فيها لمن ماتَ طفلاً ولا لَمِن لا يعرفُ اللهَ تعالى بالضرورة طاعةٌ يستحقُّون بها ثوابًا، ولا معصيةٌ يستحقون عليها عقابًا؛ فيصيرون حينئذٍ ترابًا؛ إذ لم يكن لهم حظٌّ في ثوابٍ ولا عقاب.
والبدعة الثانية من بدع ثمَامة: قوله بأن الأفعالَ المتولِّدةَ أفعالٌ لا فاعلَ لها .. وهذه الضلالةُ تجرُّ إلى إنكارِ صانعِ العالَم؛ لأنه لو صحَّ وجودُ فعلٍ بلا فاعل، لَصحَّ وجود كل فعلٍ بلا فاعل، ولم يكن حينئذٍ في الأفعال دلالةٌ على فاعلها، ولا كان في حدوثِ العالم دلالةٌ على صانعه، كما لو أجاز إنسانٌ وجودَ كتابةٍ لا من كاتب، ووجودَ مبنيٍّ أو منسوخٍ لا من بانٍ أو ناسخ.
ويقال له: إذا كان كلامُ الإنسان عندكْ متولِّدًا ولا فاعلَ له عندك، فلِمَ