للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْرًا منها آنفًا-، فبعد أن غاص في بحارِ روايات الشيعة ونصوصِ علمائهم والتي بلغت (١١٠) أبحر -أي: بعدد مجلدات كتابه- والجهدِ المُضني الذي بَذَله، كَتب لنا تقريرَه النهائيَّ واعترافَه الخطيرَ الذي يُعدُّ بمثابةِ كلمةِ الفصلِ وصَفعةٍ قويةٍ لكلِّ مَن يزعمُ وجودَ فرقٍ حقيقي بين النبي وإمام الشيعة، بأن عقولَهم لم تَصِلْ إلى فرقٍ بينٍ ظاهر بين النبي والإمام، واستغرب أيضًا لعدم وجود جهةٍ وعِلَّةٍ مقنعةٍ لعدم اتِّصافهم بالنبوة إلاَّ جهةً واحدةً، وهي أن الشرعَ قال: "لا، إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين"، فقال: "وبالجملة لا بد لنا مِن الإِذعان بعدم كونهم عليهم السلام أنبياءَ، وبأنهم أشرفُ وأفضلُ من غيرِ نبينا - صلى الله عليه وسلم - من الأنبياء والأوصياء، ولا نعرفُ جِهةً لعدم اتصافِهم بالنبوة إلا رعايةَ جلالةِ خاتم الأنبياء، ولا تَصِلُ عقولُنا إلى فرقٍ بيِّن بين النبوة والإِمامة، وما دلت عليه الأخبار فقد عرفتَه (١)، والله تعالى يعلم حقائقَ أحوالهم صلوات الله عليهم أجمعين" (٢).

وبعد: فهذه اثنا عشر وجهًا تُبطل محاولاتهم للتفريق بين النبي والإمام بفارقِ الوحي، وكلُّ واحدٍ من هذه الوجوه كافٍٍ لوحده على أن يَجعلَ محاولةَ التفريقِ هباءً منثورًا، فكيف لو اجتمعت جميعُها؟!! ..

أفبعد كلِّ ما نسبتموه للأئمة من صفاتٍ بعضُها لا يليقُ إلاَّ بالله، ومعظمُها


(١) فقال عن الأخبار التي ذكرت الفرق بين النبي والإمام قبل هذا الكلام بقليل: "بيان: استنباط الفرق بين النبي والإمام من تلك الأخبار لا يخلو من إشكال، وكذا الجمع بينها مشكل جدًّا".
(٢) "بحار الأنوار" للمجلسي (٢٦/ ٨٢)، وكرر نفس الكلام بنصِّه في كتابه "مرآة العقول" الذي شرح به كتاب "الكافي" للكليني وذلك في (٢/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>