° أحدها: أن يَنالَ العلمَ بلا تَعلُّم، ويُسمِّيها "القوَّة القُدْسيَّة"، وهي "القُوَّةُ الحَدْسِيَّة" عنده.
° والثاني: أن يتخيَّل في نفسه ما يَعلمُه، فيرى في نفسه صُورًا نورانيَّةً، ويَسمعُ في نفسِه أصواتًا، كما يرى النائمُ في نومه صُورًا تكلِّمُه، ويسمع كلامَهم، وذلك موجودٌ في نفسِه لا في الخارج.
فهكذا عند هؤلاء جميعُ ما يختصُّ بالنبي مما يراه ويسمعُه دون الحاضِرين، إنما يراه في نفسِه ويسمعه في نفسه، وكذلك الممرور عندهم.
° والثالث: أن يكون له قوَّةٌ يتصرَّفُ بها في هيولَى العالم بإحداثِ أمورٍ غريبة وهي عندهم آياتُ الأنبياء.
وعندهم ليس في العالَم حادثٌ إلاَّ عن قوى نفسانيةٍ أو مَلَكيَّةٍ أو طبيعيَّةٍ، كالنفس الفلكية والإِنسانية والأشكالِ الفلكية، والطبائع التي للعناصر الأربعة والمولِّدات، لا يُقرُّون بأن فوقَ الفَلَكِ نفسِه شيءٌ يَفعلُ ولا يُحدِثُ شيئًا، فلا يتكلمُ ولا يتحرَّكُ بوجهٍ من الوجوه لا مَلَك ولا غير مَلَك فضلاً عن ربِّ العالم.
والعقولُ التي يثبتونها عندهم ليس فيها تحوُّلٌ من حالٍ إلى حالٍ ألبتة، لا بإرادةٍ ولا قولٍ ولا عملٍ ولا غير ذلك، وكذلك المبدأ الأول.
وهؤلاء عندهم جميعُ ما يحصل في نفوسِ الأنبياء إنما هو من فَيضِ "العقل الفعال"، ثم إنَهم لَمَّا سَمِعوا كلامَ الأنبياء أرادوا الجَمَع بينه وبين أقوالهم، فصاروا يأخذون ألفاظَ الأنبياء فيضعونَها على معانيهم، ويسمُّون تلك المعاني بتلك الألفاظِ المنقولة عن الأنبياء، ثم يتكلمون ويَصِفون الكتب