لا يقعُ إلاَّ بين كَتِفَيْ زنديق"، واللهُ أعدلُ مِن أن يُسلِّطه على صِدِّيق، فكيف وقد تَهجَّم على القرآن العظيمِ، وقد أراد معارضتَه في البلد الحرام؛ حيث نزل به جبريل، وقد قال:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج: ٢٥]! ولا إلحادَ أعظمُ من هذا.
وقد أشبه الحلاجُ كفارَ قريش في معاندتهم، كما قال تعالى عنهم:
° قال الذهبي: "كان يُصحِّحُ حالَه ابنُ عطاء، ومحمدُ بنُ خفِيف، وإبراهيمُ أبو القاسم النصر آباذي، وتبرأ منه سائرُ الصوفية والمشايخ والعلماء؛ لسُوءِ سيرته ومروقِه، ومنهم مَن نَسَبه إلى الحلول، ومنهم من نَسَبه إلى الزندقة، وإلى الشعبذة والزُّوكرة، وقد تستَّر به طائفة من ذَوِي الضلال والانحلال، وانتحلوا ورَوَّجوا به على الجهال.
° وقال له الجُنيد يومًا:"أيُّ خشبةٍ تفسدها؟ يريدُ أنه يصلب".
° وقال عنه إبراهيم بن شيبان:"مَن أحبَّ أن ينظرَ إلى ثمراتِ الدعاوَى الفاسدة، فلينظرْ إلى الحلاج، وما صار إليه".
° وكان يقول:"ما انفصلت البشرية عنه، ولا اتَّصلت به".
لمَّا أحضَره الوزير عليُّ بن عيسى فلم يجده يحسِنُ القرآنَ والفقهَ ولا الحديث، فقال: تعلُّمك الفرضَ والطهور، أجدى عليك من رسائلَ لا
(١) ترجمة الحلاج كاملة مفصلة في "سير أعلام النبلاء" (١٤/ ٣١٣ - ٣٥٥)، و"البداية والنهاية" (١١/ ١٤١ - ١٥٤)، وهنا سأجمع بين الكتابين، وأنقل مقتطفات.