للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنه عَلَّق في ذَمَ هذه الطائفةِ (١) ثلاثَ كراريس، الأول سماه: "البيان المفيد في الفَرق بين الإِلحاد والتوحيد والثاني: "لوامع الاسترشاد في الفرق بين التوحيد والإِلحاد والثالث: "أشعة النصوص في هَتك أستار الفصوص".

كلُّ ذلك ليبقى المؤمنون منهم على بصيرةٍ، يَحذَرون مِن طرقِهم وزَندقتِهم، وحاصل ذلك كلِّه بكلامٍ وجيز مختصر: "أن هؤلاء جَميعَ ما يبدونه من الكلام الحَسَن في مصنفاتهم إنما هو رَبطٌ واستجلاب، فإن الدعاةَ إلى البدعةِ إنْ لم يكونوا ذَوِي بصيرةٍ يَستدرِجون الخَلْقَ في دَعوتهم، حتى يَحلُّوهم عن أديانهم لا يستجابُ لهم.

هذا ابنُ عربي، عنده في أصوله: أنه يَجعل المعدوماتِ أشياءَ ثابتةً -عُلويَّها وسفْليَّها- قبلَ وجودِها، فهي عنده ثابتةٌ في القِدم، لكن ليس لها وجود، ثم أفاض الحقُّ عليها من وجوده الذاتي، فقَبِل كلُّ موجودٍ من وجود عينِ الحق بحسب استعداده، فظهر الكون بعينِ وجودِ الحق، فكان الظاهر هو الحق، فعنده: أنه لا وجودَ إلا للحقِّ، ويستحيل عنده أن يكونَ ثَمَّ وجودٌ محدَث، كما يقوله أهل الحق، فإنهم يقولون: "وجودٌ قديم، ووجودٌ حادث"، وهذا عنده، وعند أصحابه: أنه ليس بوجود حادث، وليس ثَم إلاَّ وجودُ الحقِّ الذاتي، وهو الذي فاض على الأعيان والممكنات، وهو من حديث الوجود عينُ الموجداتِ، ومَن شك أنَّ هذا اعتقاده، فليراجع كتابَه "الفصوص" (٢) وغيره، وعنده أنه لمَّا فاض على الأكوانِ عينُ


(١) طائفة ابن عربي ومن دان دينه.
(٢) "فصوص الحكم" (ص ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>