للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقبلُ توبةُ أحدٍ منهم -إذا أُخذ قَبل التوبة-، فإنه من أعظمِ الزنادقة الذين يُظهِرون الإِسلام، ويُبطِنون أعظمَ الكفر، وهم الذين يَفْهَمون قولَهم، ومُخالفتهم لدينِ المسلمين، ويجبُ عقوبةُ كلِّ مَن انتسَبَ إليهم، أو ذَبَّ عنهم، أو أثنى عليهم، أو عَظَّم كُتبَهم، أو عُرِف بمساعدتِهم ومعاونتهم، أو كَرِهَ الكلامَ فيهم، أو أَخَذ يعتذر لهم بأن "هذا الكلامَ لا يُدرَى ما هو؟ " أو: "من قال: إنه صنَّف هذا الكتاب؟ "، وأمثالُ هذه المعاذير، التي لا يقولُها إلاَّ جاهل، أو منافق، بل تجبُ عقوبةُ كلِّ مَن عَرَف حالَهم، ولَم يعاونْ على القيام عليهم، فإن القيامَ على هؤلاءِ من أعظمِ الواجبات؛ لأنهم أفسَدوا العقولَ والأديان على خَلْقٍ من المشايخِ والعلماء، والملوك والأمراء، وهم يَسْعَون في الأرض فسادًا، ويصدُّون عن سبيل الله.

فضررُهم في الدين أعظمُ من ضَررِ من يُفسِدُ على المسلمين دنياهم، ويتركُ دِينَهم كقُطَّاعِ الطريق، وكالتتارِ الذين يأخذون منهم الأموال، ويُبقُون لهم دينهم، ولا يستهينُ بهم مَن لَم يعرفهم، فضلالُهم وإضلالُهم أعظمُ مِن أن يوصَف، وهم أشبهُ الناس بالقرامطة الباطنية.

ولهذا هم يريدون دولةَ التتار، ويختارون انتصارَهم على المسلمين، إلاَّ مَن كان عامِّيًّا مِن شِيَعهِم وأتباعهم؛ فإنه لا يكونُ عارفًا بحقيقةِ أمرهم.

ولهذا يقرُّون اليهود والنصارى على ما هم عليه، ويَجعلونهم على حق، كما يَجعلون عُبَّادَ الأصنام على حقٍّ، وكل واحدةٍ من هذه مِن أعظمِ الكفر، ومَن كان مُحسِنًا للظن بهم -وادَّعى أنه لَم يعرِفْ حالَهم- عُرِّف حالَهم، فإنْ لم يبايِنهم ويظهِر لهم الإِنكار، وإلاَّ أُلْحِقَ بهم وجُعل منهم.

وأمَّا من قال: "لكلامهم تأويلٌ يوافقُ الشريعة"؛ فإنه من رؤوسهم

<<  <  ج: ص:  >  >>