والجواهر والأعراضِ، فعينُه ثابتة قبلَ وجوده .. وهذا ضلالٌ قد سبق إليه كما تقدم.
الثاني: أنه جَعل عِلمَ اللَّهِ بالعبد إنما حَصَل له مِن علمِه بتلك العينِ الثابتةِ في العَدَم التي هي حقيقةُ العبد، لا من نفسِه المقدَّسة، وأن عِلمَه بالأعيان الثابتةِ في العدم وأحوالِها تمنُعه أن يَفعلَ غيرَ ذلك، وأنَّ هذا هو سرُّ القَدَر.
فتضمَّن هذا وصفَ اللَّهِ تعالى بالفقرِ إلى الأعيانِ وغِناها عنه، ونَفيَ ما استحقه بنفسه مِن كمال عِلمِه وقُدرتِه، ولزومَ التجهيل والعجيز، وبعض ما في هذا الكلام مضاهاةٌ َلِمَا ذَكَره الله عمن قال فيه:{لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران: ١٨١] الآية، فإنه جَعَل حقائقَ الأعيان الثابتةِ في العدم غَنيَّةً عن الله في حقائقها وأعيانها، وجَعَل الربَّ مفتقِرًا إليها في علمِه بها، فما استفاد عِلمَه بها إلاَّ منها، كما يستفيدُ العبدُ العلمَ بالمحسوسات من إدراكه لها، مع غِنَى تلك المُدرَكات عن المدرِك.
والمسلمون يعلمون أن اللَّهَ عالِمٌ بالأشياء قبلَ كونها بعلمه القديم الأزليِّ الذي هو من لوازم نفسِه المقدَّسة، لَم يستفِدْ عِلمَه بها منها:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، فقد دلت هذه الآية، على وجوبِ عِلمه بالأشياء.
الثالث: أنه زعَم أن من الصنف الذي جَعَله أعلى أهلِ الله مَن يكونُ في علمِه بمنزلةِ علم الله؛ لأن الأخذَ مِن مَعدِنٍ واحدٍ إذا كُشف له عن أحوالِ