فجعل خاتَمَ الأولياء أعلمَ بالله من جميع الأنبياء والرسل، وجَعَلهم يَرَون العلمَ بالله من مِشكاته.
ثم أخذ يُبيِّن ذلك، فقال:"فإنَّ الرسالةَ والنبوة -أعني نبوة التشريع ورسالتَه- ينقطعانِ والولايةُ لا تنقطعُ أبدًا، فالمرسَلون من كونهم أولياءَ لا يَرَون ما ذكرناه إلاَّ من مشكاةِ خاتم الأولياء، فكيف بالأولياء الذين ليسوا أنبياءَ ولا رُسلاً؟ "، وذلك أنه لم يمكِنْهم أن يَجعلوا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولاً، فإن هذا كفرٌ ظاهر، فزعموا أنه إنَّما تنقطعُ نبوةُ التشريع ورسالته، يعني وأمَّا نبوةُ التحقيق ورسالةُ التحقيق -وهي الولاية عندهم- فلم تنقطع، وهذه الولايةُ عندهم هي أفضلُ من النبوةِ والرسالة، ولهذا قال ابنُ عربيٍّ في بعض كلامه:
مقامُ النبوَّةِ في بَرزخٍ … فويقَ الرسولِ ودُونَ الوليِّ
° وقال في "الفصوص" في: "كلمة عُزَيريَّة": "فإذا سمعتَ أحدًا من أهلِ الله تعالى يقولُ أو ينقُل إليك عنه، أنه قال: "الولايةُ أعلى من النبوة"، فليس يريد ذلك القائلُ إلاَّ ما ذكرناه.
أو يقول: إن الوليَّ فوقَ النبيِّ والرسول؛ فإنه يعني بذلك في شخصٍ واحدٍ وهو أن الرسول - عليه السلام - من حيثُ هو وِلِيٌّ- أتمُّ منه من حيثُ هو نبيُّ ورسولٌ، لا أنَّ الوليَّ التابعَ له أعلى منه، فإنَّ التابعَ لا يُدرِك المتبوعَ أبدًا فيما هو تابع له فيه، إذ لو أدركه لَم يكن تابعًا له".
وإذا حُوققوا على ذلك قالوا: "إن وَلايةَ النبيِّ فوقَ نبوَّته، وإن نبوَّتَه