للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقَ رسالته؛ لأنه يأخذ بولايتهِ عن الله".

ثم يَجعلون مِثلَ ولايتِه ثابتةً لهم، ويَجعلون ولايةَ خاتم الأولياء أعظمَ من ولايته، وأن ولايةَ الرسول تابعةٌ لولاية خاتمِ الأولياء الذي ادَّعوه".

وفي هذا الكلام أنواعٌ قد بيَّناها في هذا الموضع:

منها: ما ادَّعاه من "خاتم الأولياء" الذي يكون في آخِرِ الزمان، وتفضيلِه وتقديمِه على من تقدَّم من الأولياء، وأنه يكونُ معهم كخاتم الأنبياء مع الأنبياء. وهذا ضلالٌ واضح؛ فإن أفضلَ أولياءِ الله من هذه الأمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وأمثالُهم من السابقين الأوَّلين مِن المهاجرين والأنصار، كما ثبت ذلك بالنصوص المشهورة.

ثُم إن "خاتم الأولياء" هذا صار مرتبةً موهومةً لا حقيقةَ له، وصار يدَعيها لنفسِه أو لشيخِه طوائفُ، وقد ادَّعاها غيرُ واحد، ولَم يدَّعِها إلاَّ مَن في كلامه من الباطل ما لَم تَقُلْه اليهودُ ولا النصارى، كما ادَّعاها صاحب "الفصوص"، وتابعه صاحبُ "الكلام في الحروف"، وشيخٌ من أتباعهم كان بدمشق، وآخَر كان يزعمُ أنه "المهديُّ" الذي يُزوجُ بنتَه بعيسى بن مريم، وأنه خاتمُ الأولياء، ويدَّعي هؤلاءِ وأمثالهم مِن الأمور ما لا يصلحُ إلاَّ للَّه وحده، كما قد يدَّعي المُدَّعي منهم لنفسِه أو لشيخه ما ادَّعته النصارى في المسيح.

ثم صاحب "الفصوص" وأمثاله بَنَوُا الأمرَ على أن الوليَّ يأخذُ عن الله بلا واسطة، والنبيُّ يأخذْ بواسطةِ المَلَك؛ فلهذا صار خاتمُ الأولياء أفضلَ عندهم من هذه الجهة، وهذا باطلٌ وكذب، فإنَّ الوليَّ لا يأخذُ عن الله إلاَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>