أن جميعَ الأنبياءِ والرسل لا يأخذون إلاَّ من مشكاةِ خاتم النبيين، ليوطِّنَ لنفسه بذلك أن جميعَ الأنبياء لا يأخُذون إلاَّ من مشكاةِ خاتمِ الأولياء، وكلاهما ضلال، فإنَّ الرسلَ ليس منهم أحدٌ يأخُذُ من آخَر، إلا مَن كان مأمورًا باتباع شريعته، كأنبياءِ بني إسرائيل والرسل الذين بُعثوا فيهم الذين أُمِروا باتباع التوراة، كما قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} الآية [المائدة: ٤٤].
وأما إبراهيم: فلم يأخُذْ عن موسى وعيسى، ونوحٌ لَم يأخذ عن إبراهيم، ونوحٌ وإبراهيمُ وموسى وعيسى لَم يأخذوا عن محمدٍ، وإن بشَّروا به وآمنوا به، كما قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} الآية [آل عمران: ٨١].
° قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ما بَعَث الله نبيًّا إلاَّ أَخَذ عليه العهدَ في أمرِ محمدٍ، وأَخَذ العهدَ على قومِه ليؤمنُنَّ به، ولئن بُعث وهم أحياءٌ لَيَنصُرُنَّه".
العاشر: قوله: "فإنه بحقيقته موجود، وهو قولُه: "كنت نبيًّا وآدمُ بين الماء والطين"، بخلافِ غيره من الأنبياء، وكذلك خاتمُ الأولياء، كان وليًّا وآدمُ بين الماءِ والطين": كذبٌ واضح، مخالفٌ لإجماعِ أئمة الدين، وإن كان هذا يقولُه طائفةٌ من أهل الضلال والإلحاد.
فإنَّ الله عَلِمَ الأشياء، وقَدَّرها قبل أن يُكونها، ولا تَكونُ موجودةً بحقائقِها إلاَّ حين تُوجد، ولا فَرْقَ في ذلك بين الأنبياء وغيرهم، ولم تكنْ حقيقتُه - صلى الله عليه وسلم - موجودةً قبلَ أن يُخلق، إلاَّ كما كانت حقيقةُ غيرِه، بمعنى أن الله عَلِمها وقدَّرها.