لكن كان ظُهورُ خَبَرِه واسمِه مشهورًا أعظمَ من غيره، فإنه كان مكتوبًا في التوراة والإنجيل وقبل ذلك، كما روى الإمام أحمد في "مسنده"، عن العِرباض بنِ سارية، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إني لَعبدُ الله، مكتوبٌ "خاتمَ النبيين" وإن آدم لَمُنْجَدلٌ في طِينتِه، وسأنبئكم بأول ذلك: دعوةُ أبي إبراهيم، وبُشرى عيسى، ورؤيا أُمِّي، رأت حين وَلَدَتْني كأنه خَرَج منها نورٌ أضاءت له قصورُ الشام".
وحديثُ مَيْسَرَةَ الفجرِ: قلت: يا رسول الله، متى كنتَ نبيًّا؟ -وفي لفظٍ: متى كُتبت نبيًّا؟ - قال:"وآدمُ بين الروح والجسد"، وهذا لفظُ الحديث.
وأما قوله:"كنتُ نبيًّا وآدمُ بين الماءِ والطين"، فلا أصلَ له، لَم يَرْوِهِ أحدٌ من أهلِ العلم بالحديث بهذا اللفظ، وهو باطلٌ، فإنه لم يكنْ بين الماء والطين، إذ الطينُ ماءٌ وتراب، ولكن لَمَّا خَلَق الله جَسَدَ آدمَ قبل نَفخِ الروح فيه: كَتَبَ نبوَّةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَقدَّرَها، كما ثبت في "الصحيحين" عن ابن مسعود، قال: حَدثنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم -وهو الصادق والمصدوق-: "إنَّ خَلقَ أحدكم يُجعل في بطنِ أُمِّه أربعينَ يومًا نطفة، ثم يكونُ عَلَقةً مثلَ ذلك، ثم يكوَنُ مُضغةً مثلَ ذلك، ثُم يُبعث إليه المَلَكُ، فيؤمَرُ بأربعِ كلمات، فيقال: أكتبْ رزقَه وعَمَلَه، وأجَلَه، وشقيًّا أو سعيدًا، ثُم يُنْفخ فيه الروحُ".
فأين الكتابُ والتقديرُ من وجود الحقيقة؟.
الحادي عشر: قوله: "وخاتم الأولياء كان وليًّا وآدمُ بين الماء والطين .. "، إلى قوله:"فخاتمُ الرسلِ من حيث ولايته، نِسبتُه مع الخَتم للولاية، كنسبة الأولياءِ والرسل معه .. " إلى آخر الكلام.