ذَكَر فيه ما تقدَّم من كونِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع هذا الختم المدَّعى كسائرِ الأنبياء والرسل معه، يأخذُ من مِشكاته العلمَ بالله -الذي هو أعلى العلم، وهو وحدةُ الوجود-، أنه مقدَّمُ الجماعة، وسيِّدُ ولدِ آدم في فتح باب الشفاعة، فعيَّن حالاً خاصًّا ما عَمَّم .. إلى قوله:"ففاز محمدٌ بالسيادة في هذا المَقامِ الخاصِّ".
فكَذَبَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله:"إنه قال: أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ في الشفاعة خاصةً"، وألْحَدَ وافتَرى من حيثُ زَعَم أنه سيِّدٌ في الشفاعة فقط، لا في بقيةِ المراتب؛ بخلافِ الختمِ المفترَى، فإنه سيدٌ في العلم بالله، وغيرِ ذلك من المقامات.
ولقد كنتُ أقول: لو كان المخاطِبُ لنا ممَّن يُفضِّلُ إبراهيمَ أو موسى أو عيسى على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، لكانت مُصيبةً عظيمة، لا يَحتملُها المسلمون، فكيف بمن يُفضِّلُ رجلاً من أُمَّةِ محمدٍ على محمدٍ، وعلى جميعِ الأنبياء والرسل في أفضل العلوم؟! ويدَّعي أنهم يأخذون ذلك من مِشكاته؟ .. وهذا العلمُ هو غايةُ الإِلحاد والزندقة.
وهذا المُفضِّل مِن أضلِّ بني آدم، وأبعدِهم عن الصراط المستقيم، وإن كان له كلامٌ كثير، ومصنَّفات متعدِّدة، وله معرفةٌ بأشياء كثيرة، وله استحواذٌ على قلوبِ طوائفَ من أصنافِ المتفلسفة، والمتصوِّفة، والمتكلِّمة، والمتفقِّهة، والعامة، فإن هذا الكلامَ من أعظمِ الكلام ضلالاً، عند أهل العلم والإيمان والله أعلم.
وقد تبيَّن أن في هذا الكلام من الكفرِ، والتنقيصِ بالرسل، والاستخفافِ بهم، والغَضِّ منهم؛ بل والكفرِ بهم، وبما جاؤوا به: ما لا