وثَمَّ في درجات أربعٌ تتدرَّج حتى الكمالِ النهائيِّ للتوحيد الذي هو الدرجة الخامسة:
أولاً: مَن يقولون: "لا إله إلا الله" وهي درجةُ سائر الناس.
ثانيًا: مَن يقولون: "لا إله إلاَّ هو"، وهؤلاء يَنفُون عن "الهوَ" الإلهيِّ كلَّ أنواع "الهوَ".
ثالثًا: مَن يقولون: "لا إله إلاَّ أنت"، وهم يسَمُّون اللهَ بضميرِ الغائب، ويُنكرِون كلَّ "أنت" تريدُ أن يشهدَ على نفسِها بهذا.
رابعًا: كلُّ مَن يخاطَبُ، تقومُ بينه وبين من يُخاطِبُه مسافةٌ، وهو لهذا مُشركٌ؛ لأنه يقولُ بوجودِ "الثُّنائية" وجودًا فعلِيًّا، ولهذا فإن الصيغةَ التي يَكمُل بها التوحيدُ هي:"لا أنا إلا أنا".
مِثلُ هذه المقالاتِ والصِيَغِ الفكريَّةِ تُعَدُّ كُفرًا عند الفقهاءِ والعلماءِ الذين لا يمكنُ أن يَفهموا أنَّ "الأنا" عند الصوفيِّ هي توحدُ الإنسانِ في الله.
والمتقدِّمون في الطريق "الصوفية" يُغرِقُون هذه الكلماتِ الثلاث "هو، أنت، أنا" في بحرِ "الفَناء".
في هذه القضايا وأمثالِها جَرَت مجاولاتٌ متزايدةُ العُنفِ بين السُّهْرَوَرْديِّ والعلماءِ والفقهاء، وعُقِدت مجالسُ للجَدَل، لعلَّ "الظاهر" -حاكمَ حلب- حَضرها وتأثَّر بها.
° وسببُ الخلافِ أن الطرفَين يتكلَّمانِ بلغتينْ مختلفتيْنِ، ويتناقشانِ وفي ذِهنِ كلٍّ منهما صورةٌ من التفكيرِ مختلفة، ويبدو أن السُّهرورديَّ قد