خَلعَ مع الفقهاء والعلماء الذين يناقشونه كلَّ تحفُّظ؛ لأنه يَحتقرهم، ولأنه كان يتحدَّاهم مستندًا إلى ما صار له من تقديرٍ لدى "الظاهر"، ولهذا صَرَّح في نوع من التحدِّي الخاطئِ بكلِ ما في أعماقِ فِكره .. مستخدمًا تعبيراتٍ شائكةً تَمَسُّ -مِن وجهةِ نظرِ العلماء- قناعاتِهم الإيمانية؛ فما أسرعَ ما ضَجَّ هؤلاء! وتحدَّثوا مع "الظاهر" عن كُفره؛ وظاهرُ قوله كفرٌ .. وبَلَغ الأمرُ حَدَّه حين وَجَّه الفقهاء إلى السُّهرورديِّ التهمةَ بأنه قال في كتبه:"إنَّ اللَّهَ يَملكُ إنْ شاء أن يخلق نبيًّا، فهو قادرٌ على كل شيء"؛ وقال العلماء:"إلاَّ على خَلْقِ نبيٍّ، فالرَّسولُ الأعظمُ خاتمُ الأنبياء".
فقال السُّهْرورديُّ:"هل هذه الاستحالهُ هنا مطلقةٌ أو غيرُ مطلقة؟ فقالوا: أنت كافر".
وزعموا أنه ادَّعى النُّبوَّة! ولَمَّا لم يَستجِبِ "الظاهر" لغضبِ العلماء، كَتَبوا لصلاحِ الدين يطلبون قتلَ الكافرِ الملحِدِ؛ ولم يَستَجِبِ "الظاهرُ" أوَّل الأمرِ لأبيه، فأعاد العلماءُ الكَرَّةَ، وكتبوا في دعواهم أنَّ السهروردي إذا تُرك حَيًّا أفسَدَ عقيدةَ المَلِكِ "الظاهر"، وإذا أُطْلِق سراحه عَمَّ فسادُه البلاد، ممَا جَعَل صلاح الدين يأمر ابنَه بقتل الرجل، ويُهدِّدُه بخَلعِه عن إمارةِ حَلب إنْ لم يفعل.
وهكذا قتِل السُّهرورديِّ بشكلٍ غير معروف، بعضهم يقول: مخنوقًا وبعضهم يقول: بالسيف، وبعضهم يقوله: امتَنع عن الطعام حتى مات جوعًا.
والواقع أن مقتلَ السُّهرورديِّ كان نتيجةَ تَهَوُّرِهِ واستهتارِه، ونتيجةَ كلامِه مع العلماءِ بلغةٍ لا يَفهمونها أبدًا .. ونتيجةَ عقيدتِه التي تَعَتبرُ الموتَ