للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسهَّلَها من أتباعه مُصعَب، فصار كلُّ بطلٍ بعدَه إلى حِيَاضِهِ يرغب، ومِن مَوْرِدِهِ يشرب، وكان الكذبُ قبلَه في كلِّ طريق، فأباده بالصديق، مِن طُلاَّبه أبو بكر الصديق، وكان الظُّلمُ قبلَ أن يُبعثَ متراكِمًا كالسحاب، فزحزحه بالعدلِ من تلاميذِه عمرُ بن الخطاب، وهو الذي ربَّى عثمانَ ذا النورين، وصاحبَ البيعتين، والمتصدِّقَ بكلِّ ماله مرَّتين، وهو إمامُ عليٍّ حَيْدَرة، فكم من كافرٍ عَقَرَه، وكم من مُحارِبٍ نَحَره، وكم من لواءٍ للباطل كَسَره، كأن المشركين أمامَه حُمُرٌ مستنفِرة، فَرَّت من قسورة!! ..

إِذَا كَانَ هَذَا الجِيلُ أتْبَاعَ نَهْجِه … وَقَدْ حَكَمُوا السَّادَاتِ فِي البَدْوِ وَالحَضَرْ

فَقُلْ كَيْفَ كَانَ المُصْطَفَى وَهْوَ رَمْزُهُمْ … مَعَ نُورِه لا تُذْكَرُ الشَّمْسُ والقَمَرْ!

كانت الدنيا في بلابلِ الفتنة نائمة، في خَسارةٍ لا تعرفُ الربحَ وفي اللهوِ هائمة، فأذَّن بلالُ بن رباح، بـ "حيَّ على الفلاح"، فاهتزَّتِ القلوب، بتوحيد علاَّمِ الغيوب، فطارت المُهَجُ تطلبُ الشهادة، وسَبَّحَتِ الأرواحُ في مِحراب العبادة، وشَهِدَتِ المعمورةُ لهم بالسيادة ..

كُلُّ المشَاربِ غَيْرُ النِّيلِ آسِنَةٌ … وَكُل أرْضٍ سِوَى الزَّهْرَاءِ قِيعَانُ

لا تُنْحَرُ النفْسُ إِلاَّ عِنْدَ خَيْمَتِهِ … فَالمَوْتُ فَوْقَ بَلاطِ الحُبِّ رِضْوَانُ

أرسله اللهُ على الظَّلماء كشمسِ النهار، وعلى الظمأ كالغَيث المِدرار،

<<  <  ج: ص:  >  >>