ومن مفاسدِ هذه الرسالة اعتبارُها أنَّ مصادرَ القصصِ القرآني هي التوراةُ والإنجيلُ والأقاصيصُ الشعبيةُ، وما امتَزَج بها من عناصرَ فارسيةٍ وإسرائيليةٍ، وأنه جَرَى خَلْفَ قساوسةِ المستشرقين أمثال "مرجليوث"، حتى إنه لم يُدرِكْ ما هنالك من تناقضٍ بين نسبةِ القرآن إلى الله سبحانه وتعالى والحكم على قَصصِ القرآن بأن أكثَرَه غيرُ صحيح.
° يقول الأستاذ أحمد الشايب في دراسة عن حياته العلمية (١٩١٣ - ١٩٧٠): "أُشيرُ في إيجازٍ إلى هذه المعركة العلميَّة التي دارت في "كلية الآداب"، عام ١٩٤٧ حولَ مشروعِ رسالة "الفن القصصي في القرآن الكريم" تقدَّم به طالبٌ يُدعى محمد أحمد خلف الله، بإشراف الأستاذ الشيخ أمين الخولي، وتأييده والدفاعِ عنه.
وقد قام هذا المشروع على أساسِ أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مؤلِّفُ القرآن، وأنَّ القرآنَ في قَصَصِه لم يَتحرَّ الصدقَ، وأنه كان يُغيِّرُ ويُبدِّلُ في القَصص نزولاً على ظروفِه الخاصَّةِ التي كانت تحيطُ بالدعوة الإِسلامية، وأنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في القَصص القرآني الكريم كان يَخلُقُ من الحوادثِ ما لم يَقَعْ، وُيصوِّرُه على أنه الواقعُ التاريخيُّ .. إلى نحوِ ذلك ممَّا لَم يستنِدْ إلى برهانٍ عِلميٍّ، وإنما كان مُجاراةً للمبشِّرين.
وقد شَغلت هذه المسألة الجهاتِ الجامعيَّةَ والأزهريَّةَ والبرلمانيَّة، والصحافةَ، ومجلسَ الدولة، وقد رَفض أحمد الشايب هذا المشروعَ، إذْ كان مُعَيَّنًا لفحصِه، وبرأيه أَخَذتْ كلُّ الهيئاتِ المذكورة، وقد أبُعد صاحبُه عن الجامعة".