للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول للركب لما سيروا نجبًا ... عيسًا عتاقًا مراسيلًا كظلمان

حثوا الركائب كي تطوى لأحزان ... نحو البلاد التي تسقى بفرزان

بعد الوصول قفوا نبكي بها زمنًا ... نبكي بدمعٍ من العينين هتان

أين البلاد التي شيدت مساكنه ... أين القصور التي قامت بعمران

تلك البلاد بأمر الله فرقها ... وادي حنيفة جاء ليلًا بطوفان

والناس في غفلةٍ بالليل قد هجعوا ... فصاح صائحهم بصوت يقظان

دعوا البلاد ولا تبقوا بها أحدًا ... إن السيول أتت تجري بصوان (١)

فالكل قام وذاك الخطب أزعجهم ... وسار أجمعهم شتى لكثبان

ومات من غرق ست وواحدةً ... من النساء ومن يدعى ابن عمران

وأصبحت بمرور السيل قد خفيت ... تلك البلاد وما أمست لسكان

كأنها قط لم تسكن مساكنها ... كأنها قط لم يبن بها بان

تالله إن بذا أخي لمعتبرًا ... للعاقلين ومن ليسوا بعميان

يا من أصيبوا بهدم الدار مع غرقٍ ... صبرًا بما قدر الرحمن إخواني

هذا القضاء قضاه الله في أزلٍ ... قبل الخلائق تقديرًا بإتقان

فارضوا بما قدر الجبار واحتسبوا ... إن الرضى بالقضاء حق لديان

وبادروا بثناء الله وارتجعوا ... عند المصائب في سرٍ وإعلان

لا تأسفن على ما فات من عرضٍ ... فالرب يخلفه فضلًا بإحسان

هذي الحياة وربي صفوها كدر ... لا بد زائلةً عن كل إنسان

يشقى اللبيب بها ويمسي ذا عطبٍ ... تبًا لها دار أكدارٍ وأحزان

إن المصاب الذي يأتي بلا عمل ... يوم المعاد ومن يجزى بحرمان

وما أصاب جميع الناس من ضررٍ ... إلّا بظلمهموا وشؤم عصيان


(١) الصوان: الحجر، أي لقوة السيل حملا الحجارة.