للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر إمارة محمد بن طلال]

لما أن تنازل عبد الله بن متعب عن الإمارة ظنًا بنفسه عن القتل وخلى الجو في حائل تولى الإمارة فيها محمد بن طلال، وكان هذا الرجل شابًا شجاعًا باسلًا إلى حد التهور وفيه أشياء من خصال عبد العزيز بن متعب الفاتك الجريء وناهيك به من أسد صائل تولى الإمارة باعباء الدفاع وقد تنفس نوعًا ما لرحيل سعود إلى الرياض فباشر القتال وحمل على قرى حائل التي كان أهلها موالين لابن سعود حملات شعواء فهدمها وقتل أغلب رجالها صبرًا عياذًا بالله، ويكفيك ما أوقعه الله به من الذل والقتل بعد ذلك، فعندها أمر صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن أميره فيصل الدويشً. بالزحف إلى حائل وزوده بالتدابير اللازمة بأن يحاصرها إلى أن يجيئها هو بنفسه مباشرة.

كما قيل "لا يفل الحديد إلا الحديد" فزحف الدويش بألفين من رجاله ونزل على ماء ياطب القريب من حائل، فلما أقام أربعة أيام بلغه أن طلال خارج بقواته إلى الجثامية وهي على مسيرة ثلاث ساعات من المدينة فشد مسرعًا ومشى إليها فاحتلها قبل أن يصل ابن طلال إلى النيصية القرية الجاورة لها، ولما وصل النيصية عسكر فيها وكان معه ألف وخمسمائة مقاتل من الحضر وسبعمائة من البدو ومعه مدفعان وكان معسكره بالنيصية جيدًا لأنها محصنة بتلال هي متاريس يصعب التغلب عليها إلا بقوة من الجيش كافية.

أما الجثامية التي عسكر فيها الدويش وإخوانه فهي في منبسط من الأرض تقل فيه المكامن ولم يتمكن من احتلال حصنها لأن ابن طلال كان يضربه بالدافع ضربًا متواصلًا.

فلما كان بعد عيد الأضحى بيومين زحف السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن بعشرة آلاف مقاتل ومعه بضعة من المدافع، ولما أن اجتاز "بأم جريف" الواقعة بين قبة وجراب بلغه أن الدويش مشتبك مع ابن طلال في الحرب فترك في الحال جملة الجيش وراءه وخف مسرعًا، وهذا كان قبل دخول شهر محرم بيوم واحد.