طعام وشراب، تاركًا بريطانيا تعمل ما تريد في العراق وما تعقده من المعاهدات، وقد ضج أهل العراق وأصدر العلماء فتوى بخلع فيصل بإهماله بشأن العراق.
أما الأمير عبد الله بن الحسين فجلس على عرش إمارة شرق الأردن في هذه السنة إلى أن قتل.
[زيد بن الحسين]
كان أصغر أنجال الحسين بن علي، وكان جميلًا حسن الصورة، مستدير الوجه وأمه تركية، فهو أخو إخوته من الأب، ويقال أنه شجاع حتى لقب بجمرة العرب، وحضر مع والده وإخوته وقاد بعض الجيش في الحرب العامة جهة الشمال، وغزى بعض المواقع جهة المدينة والشام، وكان قائد الجيش في مكة أثناء الحرب بين الحسين وتركيا، ولازم أخاه فيصلًا في كل حركاته ولم يأت مكة من بعد النهضة إلا مرتين وله شوق إلى التعلم حتى في مدارس أوربا، وكان يتولى النيابة عن أخيه فيصل في العراق، وله نزعة في لباسه وأكله ومشيته وأفكاره وآرائه إلى أهل أوربا، والذي جره إلى ذلك قربه من تلك الديار وبعده عن والده الذي كان يحافظ على تقاليد بلاده، وربما زجره والده عن ذلك وأنبه ولكن لا فائدة في ردع من طمحت أفكاره إلى ما يريد أو جمح به شبابه ونعرته على السير فيما نشأ على ما قررت فكرته له.
وفيها بعث صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن ابنه فيصلًا إلى لندن مع أحمد بن ثنيان، وكان فيصل بن عبد العزيز إذ ذاك في السادسة عشرة من عمره، غير أنهما لم يقابلا هناك مقابلةً حسنة تليق بمقامهما، حتى أن "اللورد كرزون" وزير الخارجية قدم لفيصل بعض الحلوى لأنه رآه غلامًا، وحادثه محادثةً لا تخرج عن محادثة وزير لغلام، فأغضبت هذه المعاملة فيصلًا ورجع من لندن ناقمًا، ففهم ابن سعود من هذا الأمر أن لندن تجهل قوته وحقه وتؤثر عليه خصمه الحسين الشريف وتقوي عزمه، فصارح ابن سعود فلبى بما في نفسه وأفهمه أن بريطانيا أساءت إليه كثيرًا، غير أن حكومة الهند البريطانية كانت خلاف لندن في فهم ابن سعود، فهي تؤثره وتؤيده لأنها علمت أنه رجل ألّف المرتجى فهو أولى بالتقدير والاحترام.