لمَّا كان في ١٢/ ٥ الموافق ٢٢ من برج القوس من هذه السنة هطلت أمطار على القصيم واستمرت طيلة ذلك اليوم ومن الغد وبعد الغد وهكذا خمسة أيَّام لم يتوقف نزول الماء حتَّى انماعت روس الحيطان وجعلت تنهار من كثرة نزول مياه الأمطار، فلقد مضى على الأمَّة خمسة أيَّام متوالية والأهالي في القصيم ينتظرون بفارغ الصبر أن يمسك الله السماء عنهم وبما أن بريدة وضواحيها لا تزال مهددة من خطر السيول نتيجة ١٢٠ ساعة لم تتوقف الديمة عنها وكانت سائر القصيم كذلك غير أن شدة وقعة كانت على بريدة وضواحيها. كان مما يعجب له خوف أوقعه الله في القلوب من سكنى البيوت حيث كانوا يتوقعون أنَّها ستنطبق عليهم. وفي يوم الأربعاء ١٧ جمادى الأولى هطلت أمطار وسيول زيادة عما هم فيه من الديمة المتواصلة فتعطلت الدراسة منذ ذلك اليوم ولم يستطع البشر الجلوس داخل المنازل لشدة خرير السقوف وهذا مما يدل على قدرة الخالق وضعف المخلوق. وإذا كانت البلاد قد أُقيمت من لبن وطين ومرَّ عليها سنون لم تنزل عليها تلك الأمطار واعتادوا نزول الماء على قدر والآن لم يتوقف المطر ستة أيَّام عن الانهمار عليها فكيف تكون حالتهم. ولمَّا كان في ١٨/ ٥ خرجت الأمَّة إلى البراري خوفًا من سقوط البيوت وأصبحوا مهددين بالأخطار. هذا ولا تزال السماء منطلقة الوكاء تصب المياه صبًا وكان قد انخاط الجو وأظلمت الدُّنيا لفقدهم ضياء الشَّمس وكان القوي من يملك بساطًا يرفعه بأعواد فيجلس وعائلته تحته. وفي ليلة ١٩ ليلة الجمعة أقبلت سحب متراكمة وجعل البرق يخرج من خلالها زيادة على ما هم فيه وقعقعت الصواعق ولمعت البروق وجعلت البيوت تتساقط يسمع لها دوي عظيم كصوت المدافع ولمَّا أن اشتدت الضربة ووقعت الكربة وضاقت الحيلة فتح المسلمون أبواب البيوت وفروا هاربين إلى الصحراء لا يلوي أحد على أحد