فرأى الشيخ عبد اللطيف بثاقب رأيه أن يحاوله على ترك الإمامة لأخيه عبد الله لكبر سنه ولما له من الأولوية في الإمامة، وجعل يكرر عليه ويشير فكان من تنازل عبد الرحمن عنها لأخيه ما سنذكره إن شاء الله تعالى في السنة التي بعدها.
[ذكر قتل مهنا الصالح أمير بريدة رحمه الله تعالى]
قد قدمنا أن مدينة بريدة كانت قبل ذلك ماء لآل هذال من شيوخ عنزة، فاشتراها منهم راشد العنقري التميمي من آل عليان، ثم عمرها وسكنها ومن معه من عشيرته، وكان آل أبي عليان من العناقر من بني سعد بن زيد مناة بن تميم خرجوا من بلد ثرمدا في الحروب التي وقعت بين العناقر في ثرمدا وفي بلد مرات لطلب الرئاسة، وسكنوا ضرية ورئيسهم راشد المذكور، وهو جد حمود بن عبد الله بن راشد الذي فتك في عشيرته آل أبي عليان، وقتل منهم ثمانية رجال في مسجد بريدة سنة ١١٥٥ هـ، ولحمود هذا ابن يسمى راشد، ولم تزل الرئاسة لهم في بريدة لأنهم الذين أسسوها وهم أصحاب الحق الشرعي فيها إلى أن غلبهم عليها مهنا الصالح وأجلى رؤساءهم منها إلى عنيزة، فجعلوا يدسون الدسائس لآل مهنا ويستنجدون بهذا وبذاك عليهم، فأفضى الأمر إلى قتل مهنا في هذه السنة.
ولما كان مهنا قد استمال أعيان أهل بريدة وكثر أنصاره، أضف إلى ذلك أنه صاحب ثروة وغنى وقد أجلى عن البلد كل من يخافه ويخشى شره من آل أبي عليان، لم يستطيعوا قتله إلا غيلةً، فاتفق اثنا عشر رجلًا من آل عليان وساروا على خفية من عنيزة حتى دخلوا بلد بريدة آخر ليلة الجمعة ١٩ محرم، فدخلوا في بيت على طريقه إلى المسجد الجامع يريدون قتله إذا ذهب لصلاة الجمعة، فلما مر من عندهم قتلوه تحت منارة جامع بريدة، ثم ذهبوا مسرعين إلى قصر مهنا الجديد المعروف فيها، فدخلوه وتحصنوا فيه، فقام عشيرته مستفزعين أهالي بريدة ووفق أنه لم يكن في البلد سوى ابنه عبد الله، وذلك لأن محمدًا وصالحًا قد بعثهما بغزو لقتال أهل الرس لمنافرة كانت بينه وبين أهل الرس، وقد وصلا إلى الشقة، كما أن ابنه حسنًا إذ ذاك عند الرعاة، فقام عبد الله معه أهالي بريدة وشيعتهم وحصروا آل أبي