فقد أسرَّ أيضًا لمحمد بن عبد الله آل أبي الخيل عدم الثقة بابن سعود والركون إليه، فأصبح مهيجًا وجرى عليه ما سنذكره فيما بعد.
ولما أن قدم ابن سعود إلى الرياض ما كاد أن يستريح من الأسفار حتى جاءه مخبر يقول أن الأتراك في أطراف القصيم يحاولون استمالة بعض البادية إليهم، وأن الدويش فيصلًا له يد في المسألة، فنهض عبد العزيز بن عبد الرحمن يريد قتال الدويش الذي ظهرت خيانته، فاغار على بعض قبائله وأخذها، ثم عاد إلى بريدة وجهز من فيها من آل سعود الذين قدموا من حائل، فسيرهم إلى الرياض ولم يبق هناك معه فيها غير حاشيته، فاطمأن أهل القصيم وسكن المناوئون، ولكن هنا أمرًا جديدًا أزعج جلالة الملك عبد العزيز، وهو أن ابن رشيد كان يفاوض الأتراك في الشحية ويزين لهم الانسحاب إلى حائل، وكان قصده في هذا أن يأخذ ما كان معهم من عتاد الحرب والذخيرة، كأنه يقول أعطونا سلاحكم إذا كنتم لا تحاربون، وذلك لأن الدولة سخطت خطة القائد صدقي باشا حيث لا حرب ولا صلح ولا مسالمة ولا مفاوضات، فأمرت قائدًا آخر من كبار جيشها وسياستها يدعى سامي باشا الفاروقي الذي كان يومئذٍ بالمدينة، أن يسافر إلى حائل للمفاوضة مع ابن رشيد، فجاء سامي باشا مرغيًا مزبدًا واجتمع بالأمير متعب في سميرا قرية من قرى حائل، فاتفق وإياه على أن يكون القصيم في حوزة الدولة وهذا يعد من تغفيل الأمير متعب كيف يعطي ما لا يملكه.
[ذكر المفاوضات بين ابن سعود وبين مندوب الدولة]
قد ذكرنا اتفاقه مع ابن رشيد ثم إنه قدم إلى القصيم للمفاوضة مع ابن سعود وقد ظنه كالأول، فلما جاء سامي باشا، عزل صدقي وتولى بنفسه قيادة الجيش في الشحية، ثم أرسل إلى ابن سعود يطلب الاتفاق به، فسار ابن سعود ووافاه في البكيرية، فلما جلسا للمفاوضة أغلظ القول على ابن سعود وجعل يتهدد وما كان لابن سعود أن يصبر على ضيم، فصارت المذاكرة مناكرة، وقام ابن سعود بصرامته