القاضي يقول: لو وجدت من يتعلم مني بأجرة لبذلتها. وكان يخلفه في قضاء بريدة جلالة الملك إذ غاب القاضي.
[أخلاقه وشمائله]
كان صموتًا قليل الكلام محبًا للعزلة قليل الضحك لا يكذب وإن كان مازحًا. ويقدر أهل العلم وله أدب ومعرفة بفنون الشعر والحكم وأقوال العلماء والتَّاريخ ومعرفة الرجال والجرح والتعديل، ولا يحب الشهرة وعلى جانب من العبادة وكان ذا سمت عظيم حتَّى يخيل إلى من رآه أنَّه يسكت على أمر عظيم من الدهاء والمعرفة. ولهذا قال في مدحه الشَّيخ عمر الوسيدي من قصيدة مرَّ بنا ذكرها:
ويا سليمان المشعلي نلت مفخرًا ... وعلمًا على حسب الورى والأماثل
فلا تسأمن البحث فيه ولا تكن ... جبانًا إذا دارت فنون السائل
فمن فعلك الأحجام طيعًا وإنَّما ... لك خبرة في قاطعات الدلائل
وقد نفعته تلك الرزانة بحيث كان عاقلًا يعالج المشاكل بحكمة. وبمَّا أنَّ القاضي عمر بن محمَّد بن سليم يستنيبه في القضاء فقد كان الشَّيخ عبد الله بن محمَّد بن حميد يستنيبه أيضًا إذا كان موجودًا وكان جبلًا عظيمًا في القضاء لرزانته وقلة كلامه فيوقف عند توجيهاته. وفي صفته كان قصير القامة أقل من الربعة ممتلئ الجسم قد لوحته الشَّمس إلى السمرة وكان معظمًا ومحترمًا ومهابًا ولا يحب المزح. كثير التفكير. ومن كلماته الخالدة قوله: إنَّ العالم في هذا الزمن كالحلتيت إن احتاج النَّاس إليه طلبوه وسعوا في تحصيله وإن استغنوا عنه لم يعبأوا به. ثمَّ أنَّها تداركت عليه أمراض في آخر عمره لأنَّه يغلب عليه السعال المخاطي البلغمي وأقعدته الأمراض وكبر سنه فلما كان ذات ليلة قال لابنه عبد الله: إنِّي موصيك بوصية وقد أشهدت عليها عبد الله بن رشيد الفرج وفلانًا لرجل سماه ولعلي ألقى الله في هذه الليلة.