لما كان في ١٧/ ٥ تحرك الموكب من بريدة للسفر إلى الرياض فقوضت الخيام، وجمعت السيارات، وتأهبت الجنود للسير، وقد كان في ليلة ١٦ من الشهر أن سار بعض النساء من البيت المالك على بعض الطائرات، ولما أن كان في يومها طار أربع طائرات تقل بقية الأميرات وخدمهن، ثم سارت النقليات في ذلك اليوم، وبات الموكب على أهبة الرحيل، وفي صباح اليوم ١٧ الموافق الثلاثاء طارت طائرتان بما بقي من الأسرة وخرجت الأمة تتقدمها الأعيان والرؤساء لوداع جلالته، فجلسوا أمامه على تلك الكراسي الجميلة في ذلك السرادق العظيم، وجعل يلقي على الأرض عليهم من كلامه ما هو أحلى من الشهد، بحيث سر ضمائرهم وأطلق ألسنتهم بالثناء والشكر له، ومن كلامه حفظه الله قوله:
إن الأمر في الحقيقة يرجع إلى النية والقلب، فإن كان قلبك ينكر النكر ويكرهه ويقشعر عندما يسخط الله فذلك عنوان الخير، وإن كان قلبك يميل مع كل شيء فلست بشيء، إني قلت لرئيس من رؤساء الكفر نحن أيها المسلمون خير منكم فأجاب يستفهم عن ذلك، فقلت له: لو أننا سمعنا أحدًا يسب نبينا قتلناه وإنكم تسمعون اليهود تشتم عيسى وتقذف مريم ولا تغارون لذلك، إني لما قدمت مصر أذنت وصليت بمن معي، فتعجبت أهل مصر من ذلك يقولون هذا الملك ابن سعود يؤذن، فقلت نعم إني أؤذن وأشهد أن لا إله إلا الله، وكانت عمتي كفر الله لها تقول: الله يا عبد العزيز، إنك أذنت فقلت لها نعم والحمد لله، فأجابه أحد العلماء الحاضرين على الفور بقوله: هذه عمرية يا طويل العمر، ثم إنه أخذ يذم طريقة الكفر ونحل الكفار وما هم عليه من سفالة الأخلاق ورذالة الأمور، مستهجنًا لهم ومحذرًا من سلوك طرائفهم، لأنهم كانوا على غير هدى، وحقًا فإنهم كانوا عن سبيل الله معرضين، وللشيطان متبعين، وعن الفضائح متجردين، وذكر الملوك ثم