أرغب ما يكون في الاجتماع مع الغرباء، يستمع منهم أخبار بلدانهم وأمصارهم وما يتعلق به من أخبار السياسة وأحداث الزمان.
ومن غرائبه أنه لا يحتاج للنوم كما يظهر، ولا ينام إلا حين لا يرى أحدًا غيره ساهرًا، وإذا نام فلا ينام إلا ثلاث ساعات أو أربع ساعات، ولو خير لجلس الليل كله يتحدث إلى أحد رجاله من الذين يروق له حديثهم، وتلذ له عشرتهم، وكان من الذين يستمعون القول ويحسنون الاستماع، فإن وجد في الحديث خيرًا تقبله وفعل بموجبه وهو إلى ذلك ليس عنيدًا في إنكاره، مع أنه لا يزال في سجيته يعامل بالحسنى ويقابل الإساءة بالإحسان، فإذا لم يفد ذلك بدرت منه بوادر تقضي على من خالفه بالدمار والتباب، فما ألينه في الأمن وما أصعبه في المخاوف كما قيل.
هو البحر غص فيه إذا كان ساكنًا ... على الدر واحذره إذا كان مزبدًا
[ذكر أمراء آل رشيد وقضاتهم]
كان أمير بريدة بعد حسن بن مهنا بأمر محمد بن عبد الله بن رشيد، من كان يدعى حسين بن جراد، ثم عزله وجعل مكانه حمود الزيد، فلبث قليلًا ثم عزله وجعل مكانه سعد الحازمي، ومات الحاكم ابن رشيد فأقره على الإمارة عبد العزيز بن متعب، وهو الذي جمع الناس بأمره وأخذ البيعة له، ثم عزله بن متعب وجعل مكانه فهد بن محمد القويعي، ثم عزله بعد ذلك وأقام الحازمي ثانيةً أميرًا، وهو الذي وقعت الطرفية وهو فيها، ثم عزله وجعل مكانه سالم بن سبهان، ثم عزله وجعل مكانه عبد الرحمن بن ضبعان وهو آخر أمراء آل رشيد عليها.
أما القضاة فإن الحاكم محمد بن عبد الله بن رشيد جعل على قضاء بريدة محمد بن عبد الله بن سليم، وكان هو القاضي قبل، فأقره على قضائها، فاستمر على ذلك في آخر ولاية محمد وأول ولاية عبد العزيز، ثم إنه عزله عبد العزيز بن رشيد لكثرة الوشاة، وذلة أهل الحق في ولايته، وجعل مكانه الشيخ صالح بن قرناس.
ولما أن قدم الشيخ صالح كان معه كتب كثيرة ورثها من أبيه، فأظهر