لما كان في ثامن عشر شعبان في الساعة الرابعة نهارًا برز القسم الأكبر من جيش الحجاز لمنازلة الإخوان وكانت القيادة الهاشمية قد أملت في هذه الهجمة أن تضرب الإخوان المرابطين فتقضي عليهم أمام جناحها الأيسر وتعود شرقًا بجنوب بعد ما أمنت مؤخرها فتزحف إلى المعسكر في الرغامة فتستولي عليه وتمشي مستمرة ظافرة إلى مكة وكانت كلمتهم: سنعيد رمضان بمكة حتى كان أحد الضباط يقول لمن يثق به من الأجانب قبيل هذه الوقعة: غدًا ندعوك لزيارتنا في الطائف، ولما أن برزت هذه القوة من الجيش الحجازي وكان هذا الإقدام الذي برز به القسم الأوفر منه لمناجزة النجديين والقضاء عليهم شرع الخط قبل خروج المصفحات يطلق مدافعه الكبار والصغار على الإخوان في الرويس وبعد نصف ساعة من هذا الضرب المتواصل الشديد خرجت خمس مصفحات من بوابة الكندرة فسارت ثلاث منها تجاه نزلة بني مالك واثنتين تجاه الرويس ثم مشى من مركزي الكندرة وأبي بصيلة نحو ألف من جنود النظام والبدو مقسومين إلى ثلاثة أقسام تتبعهم سرية من الخيالة.
أما الإخوان فقد كانت فرقة من أهل دخنة في الرويس وفرقة أخرى في بني مالك وكان أهل العارض والغطغط في الخط الثاني، أما الجبهة الأمامية التي فيها الخنادق فكان فيها من الفريقين عدد لا يتجاوز الألفين فتقدمت القوة الاحتياطية النجدية نحو مراكز الجيش المرابط ولكنهم لم يباشروا الرمي لا هم ولا المخندقون حتى خرجت العساكر الهاشمية كلها إلى السهل وكادت المصفحات أن تصل إلى النزلة فدارت تلك الساعة رحى الحرب ودوت البنادق والرشاشات وسارت المصفحات شرقًا بشمال تاركة النزلة إلى يسارها لتمنع وصول المدد إلى الجبهة الأمامية وتصد أهل الغطغط والعارض عن الهجوم فاشتبكت وإياهم في قتال عنيف ولكنها لم تتمكن من صدهم، فلو رأيت الإخوان كيف يصارعون تلك المصفحات التي تهدي عليهم الرصاص وترش من رشاشاتها في كل جانب وهم ثابتون مستشهدون ويدورون عليها كأنهم الأسود في غابها ويطلقون البنادق عليها