لما كانت ليلة خامس شعبان من هذه السنة جاء رجل من بريدة يسعى فوافا رجال ابن سعود وقواده في منتصف الليل منذرًا يقول أن ابن رشيد قد خرج برجاله يريدون المهاجمة فلم ير القائد الذي بلغه الخبر أن يزعج ابن سعود وهو في تلك الحال لا سيما وقد كان الجيش مستعدًا للدفاع ولكن هنا أمرين أفسدا الاستعداد وهما أن ابن رشيد تأخر فنام الحرس وأيضًا سلك طريقًا غير معروفة إما لأنه ضاع أو كان قصده أن يباغت العدو فلم يشعر السعوديون إلا وهو ورجاله في وسط المعسكر، وكان لما هجم قبحه الله فجأة كانت بادية من جهة وأهل بريده هجموا مع الجهة الأخرى وأرادوا بذلك احتلال القصر فقام الحرس والحامية فصادمتهم وصدتهم عن الدخول ولما هجم ابن رشيد ذلك الهجوم على السعوديين هجومًا هادئًا ليباغتوهم وهم نيام استيقظوا وهبوا إسراعًا للدفاع وجرت مصادمة هائلة واختلط الحابل بالنابل وتضاربوا بكعاب البنادق ثم بالسيوف فسالت الدماء وعلت الأصوات بهذه الكلمة "على المشركين على الخونة" فأطلقت حينئذ البنادق والأسلحة النارية فهب العسكر كله للقتال واستمر الأمر كذلك حتى الفجر، فأصبحت المياه جارية بين النخيل وقد احمرت من دم القتلى، وتقفى حزب الإمام وجنوده الطائفة الرشيدية وأميرها يرددون هذه الكلمة "صبحناكم لا صبحتكم العافية".
فلما أضحى اليوم الخامس من شعبان تجلت هذه الواقعة عن ثلاثمائة وثلاثين قتيلًا منهم ثلاثون من قوم ابن سعود وثلاثمائة من جنود ابن رشيد، وكان الفضل في هذه الواقعة للحضر في الجيش السعودي أما البوادي فشردوا ولم يرجعوا إلا بعد بضعة أيام.
أما سلطان بن رشيد المسلط فإنه فر هاربًا إلى حائل معه باديته وترك أخاه فيصلًا في بريدة ليكون عونًا لأبي الخيل فيها.